(وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ) على أباطيلهم ، وأكاذيبهم ، وفضول كلامهم ، وما هم عليه من الهجاء. وقرأ نافع : يتبعهم بالتخفيف. (الْغاوُونَ) السفهاء والشطّار (١). وقيل : الشياطين. وأتباع محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ليسوا كذلك. وهذا استئناف يبطل كونه شاعرا.
وقرّره بقوله : (أَـ لَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) في كلّ فنّ من الكذب يتكلّمون ، وفي كلّ لغو يخوضون ، فيمدحون ويذمّون بالباطل.
والمعنى : أنّهم لما يغلب عليهم من الهوى كالهائم على وجهه في كلّ واد يعنّ له ، فيخوضون في كلّ فنّ من الكلام والمعاني الّتي تعنّ لهم. فالوادي مثل لفنون كلامهم. وهيمانهم فيه قولهم على الجهل بما يقولون من لغو وباطل ، وغلوّ في مدح وذمّ ، فإنّ أكثر مقدّماتهم خيالات لا حقيقة لها ، وأغلب كلامهم في النسيب (٢) بالحرم ، والغزل والابتهار ، وتمزيق الأعراض ، والقدح في الأنساب ، والوعد الكاذب ، والافتخار بالباطل ، ومدح من لا يستحقّه ، والإطراء فيه ، حتّى يفضّلوا أجبن الناس على أشجعهم ، وأشحّهم على أسخاهم ، ويبهتوا (٣) البريء ، ويفسّقوا التقيّ. وإليه أشار بقوله : (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ).
ولمّا كان إعجاز القرآن من جهة المعنى واللفظ ، وقد قدحوا في المعنى بأنّه ممّا تنزّلت به الشياطين ، وفي اللفظ بأنّه من جنس كلام الشعراء ، تكلّم في القسمين ، وبيّن منافاة القرآن لهما ، ومضادّة حال الرسول لحال أربابهما.
روى العيّاشي بالإسناد عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «هم قوم تعلّموا وتفقّهوا بغير
__________________
(١) الشطّار جمع الشاطر ، وهو المتّصف بالدهاء والخباثة.
(٢) نسب نسيبا الشاعر بالمرأة : شبّب بها في شعره وتغزّل. والحرم : النساء. والابتهار : القذف بالبهتان ، ودعوى الشيء كذبا.
(٣) أي : يتّهموا.