حسنا بالتوبة عن المعاصي ، فإنّي غفور ساتر لذنبه ، رحيم قابل لتوبته.
(وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ) لأنّه كان بمدرعة صوف لا كمّ لها. وقيل : الجيب القميص ، لأنّه يجاب ، أي : يقطع. (تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ) من غير آفة ، كبرص (فِي تِسْعِ آياتٍ) كلام مستأنف. وحرف الجرّ فيه يتعلّق بمحذوف. والمعنى : اذهب في تسع آيات ، وقوله : (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) متعلّق به.
ويجوز أن يكون المعنى : وألق عصاك. وأدخل يدك في جملة تسع آيات وعدادهنّ ، أو معها ، على أنّ التسع هي : الفلق ، والطوفان ، والجراد ، والقمّل ، والضفادع ، والدم ، والطمسة ، والجدب في بواديهم ، والنقصان في مزارعهم. ولمن عدّ العصا واليد من التسع ، أن يعدّ الأخيرين واحدا ، ولا يعدّ الفلق ، لأنّه لم يبعث به إلى فرعون. وعلى هذين الوجهين يتعلّق (إِلى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ) بنحو : مبعوثا أو مرسلا.
(إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) خارجين عن طاعة الله إلى أقبح وجوه الكفر. وهذا تعليل للإرسال.
(فَلَمَّا جاءَتْهُمْ آياتُنا) بأن جاءهم موسى بها (مُبْصِرَةً) بيّنة غاية التبيين.
فأطلق اسم الفاعل للمفعول ، إشعارا بأنّها لفرط اجتلائها للأبصار بحيث تكاد تبصر نفسها لو كانت ممّا يبصر. أو ذات تبصّر ، من حيث إنّها تهدي ، والعمى لا تهتدي فضلا عن أن تهدي غيرها. ومنه قولهم : كلمة عيناء ، وكلمة عوراء ، لأنّ الكلمة الحسنة ترشد ، والسيّئة تغوي. أو مبصرة كلّ من نظر إليها وتأمّل فيها. ومثل ذلك قوله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً) (١). (قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ) واضح سحريّته.
(وَجَحَدُوا بِها) أي : أنكروها وكذّبوها ، ولم يقرّوا أنّها من عند الله (وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) أي : وقد استيقنتها ، لأنّ الواو للحال. والمعنى : جحدوها
__________________
(١) الإسراء : ٥٩.