(فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً) شارعا في الضحك وآخذا فيه (مِنْ قَوْلِها) يعني : أنّه قد تجاوز حدّ التبسّم إلى الضحك. وكذلك ضحك الأنبياء. وذلك لتعجّبه من حذرها ، واهتدائها إلى مصالحها. أو لسروره بما خصّه تعالى به ، من إدراكه همسها ، وفهمه غرضها ، وإحاطته بقصدها. ومن دلالة قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وشفقتهم ، وعلى شهرة حاله وحالهم في باب العدل ، حيث بلغ في الظهور مبلغا عرفته النملة ، حيث قالت : (وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ). يعني : أنّهم لو شعروا لم يفعلوا ، ولذلك سأل توفيق شكره.
(وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ) اجعلني أزع شكر نعمتك عندي ، أي : أكفّه وأرتبطه لا ينفلت عنّي ، بحيث لا أنفكّ عنه (الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَ) من تعليم منطق النمل وسائر الطيور. أدرج فيه ذكر ووالديه تكثيرا للنعمة أو تعميما لها ، فإنّ النعمة على الوالدين نعمة على الولد ، والنعمة عليه يرجع نفعها إليهما ، سيّما الدينيّة ، لأنّه إذا كان تقيّا نفعهما بدعائه وشفاعته ، وبدعاء المؤمنين لهما كلّما دعوا له ، وقالوا : رضي الله عنك وعن والديك.
(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً) أي : وفّقني لأن أعمل صالحا في المستقبل (تَرْضاهُ) إتماما للشكر ، واستدامة للنعمة (وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) في عدادهم في الجنّة.
قال ابن عبّاس : يعني : إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن بعدهم من النبيّين ، أي : اثبت اسمي مع أسمائهم ، واحشرني في زمرتهم.
روي : أنّ نمال سليمان كأمثال الذئاب والكلاب.
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ (٢٠) لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٢١) فَمَكَثَ