واستدلّ أيضا : بحكمهم أنّ من تيقّن الحدث والطهارة وشكّ في المتأخّر منهما يتوضّأ ، فلو كانت الطهارة أمرا عدميّا موافقا للأصل ، لكان حكمه كالشاكّ في المتأخّر من الخبث والطهارة في بنائه على أصالة الطهارة.
وفي الجميع ما لا يخفى.
أمّا الآية ـ فمع قطع النظر عمّا ورد في تفسيرها من أنّ المراد بها القيام من النوم ـ ففيها : أنّها مخصوصة بما عدا المتطهّر ، إذ لا يجب عليه الوضوء نصّا وإجماعا ، وكون الشخص المفروض غير متطهّر أوّل الكلام ، مضافا إلى انصرافها عن مثل الفرض.
وبهذا ظهر لك الجواب عن الرواية أيضا ، مع أنّ الطهور فيها أعمّ ممّا هو قسيم للحدث الأكبر ، مع أنّه لا مجال لتوهّم كونه أمرا وجوديّا ، وإلّا لوجب الغسل على من لم يحدث منه سببه ، فتأمّل.
وأمّا مسألة من تيقّنهما وشكّ في المتأخّر فليست شاهدة للمدّعي ، لأنّ الأصل الذي يرجع إليه بعد تعارض الأصلين هو الأصل العملي المجعول للشاكّ ، وهو أصالة الطهارة في المثال ، وقاعدة الاشتغال فيما نحن فيه ، لا الحالة الأصلية ، كما سيتّضح لك في محلّه إن شاء الله.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ ما يشهد من الأخبار بكون أثر الوضوء أمرا وجوديّا أكثر ممّا يشهد بكون أثر الحدث كذلك ، كما تعضده مشروعية التجديد ، وقد ورد التعبير عنه في الأخبار بأنّه نور على نور (١) ، ووقع
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٦ ـ ٨٢ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الوضوء ، الحديث ٨.