المقصودة.
ثمّ قال : وبما ذكرنا ثبت ما ادّعيناه من ضروريّة النيّة في جميع الأعمال ، وعدم احتياجها إلى تكلّف واحتمال ، ووجوبها في جميع العبادات المترتّب صحّتها عليها ، فإنّما الأعمال كالأشباح ، والقصود لها كالأرواح.
هذا ، وجملة من أصحابنا ـ رضوان الله عليهم ـ لمّا حكموا بوجوب النيّة ، وفسّروها بالمعنى الشرعي ، أشكل عليهم الاستدلال على الوجوب (١). انتهى.
توضيح ما فيه : أنّه إن أراد أنّ القصد له مدخلية في حصول العناوين المنتزعة من نفس الفعل من حيث هو ، المؤثّرة في تعلّق القصد بإيجاده ، كالتبريد والتسخين والغسل وغير ذلك من الأمثلة التي استشهد بها ، فهو واضح البطلان.
وإن أراد أنّ الفعل لا يستند إلى الفاعل المختار ـ بأن يكون فعلا اختياريّا له ـ إلّا بالعناوين المقصودة ، وإلّا فيوجد الفعل بجميع عناوينه قهرا بمجرّد حصوله في الخارج ، إلّا أنّه لا يقال : إنّ الفاعل فعله باختياره ، إلّا بالعنوان الذي قصده ، وبهذا العنوان تترتّب عليه آثاره المتوقّفة على الاختيار ، كاستحقاق المدح والثواب والذمّ والعقاب ، واتّصافه بالحسن والقبح من حيث كونه عملا للفاعل فهو حقّ صريح ، ولكنّه لا يجدي في
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٢ : ١٧٠ ـ ١٧٣.