حُنَفاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) (١) فهي ظاهرة في إرادة التوحيد ، ونفي الشرك ، كما تشهد به كلمات جماعة من المفسّرين على ما حكاه عنهم شيخنا المرتضى (٢) رحمهالله.
ويؤيّده : كون الآية مسوقة في عداد الآيات المسوقة لبيان أحوال الكفّار والمشركين ، فالمراد بالعبادة في الآية ـ ككثير من الموارد التي تعلّق الأمر بها ـ هو الاعتراف والتديّن بالعبوديّة لله بلا شريك ، فاللام إمّا بمعنى الباء ، كما في قوله تعالى (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٣) كما يشهد لذلك عطف إقامة الصلاة وإتيان الزكاة ، فإنّ المنساق إلى الذهن إرادة تعلّق الأمر بهما ، لا كونهما غايتين لسائر الأوامر ، فيكون الحصر إضافيّا ، كما في قوله تعالى (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) (٤) أو أنّها للغاية.
ولكنّها أجنبيّة عمّا أراده المستدلّ ، ولو سلّم ظهورها في إرادة العبادة بالمعنى المصطلح ، التي هي أثر التديّن بالعبوديّة ، وكونها بهذا المعنى غاية لجميع الأوامر ، كما أراده المستدلّ ، فهو أيضا لا يجديه في إثبات مطلبه ، لأنّ جعل العبادة بهذا المعنى غاية لجميع الأوامر لا يدلّ على أنّ الغرض تعلّق في الجميع بإيجادها بداعي الأمر ، لصدق القضيّة على الواجبات التوصّليّة التي وجبت مقدّمة للعبادة.
__________________
(١) سورة البيّنة ٩٨ : ٥.
(٢) كتاب الطهارة : ٧٩.
(٣) سورة الأنعام ٦ : ٧١.
(٤) سورة الرعد ١٣ : ٣٦.