هذا ، مع أنّ يكون العبادة عن إخلاص غاية للأمر ـ كما هو مفاد الآية ـ غير كونها شرطا لصحّة المأمور به ، كما هو المدّعى.
اللهم إلّا أن يقال : إنّ قصر الغرض على ذلك ـ كما هو ظاهر الآية ـ يستلزم الاشتراط ، لأنّه إذا لم يكن المقصود بالطلب إلّا إيجاد المطلوب بوجه خاصّ ، يكون إيجاده لا بهذا الوجه مخالفا للمأمور به الواقعي الذي تعلّق به الغرض من الأمر ، فلا يصحّ.
وأمّا الأخبار ففيها : أنّه يتعذّر تطبيقها على ما أراده المستدلّ ، فضلا عن ظهورها فيه.
قال شيخنا المرتضى رحمهالله : وأمّا الأخبار فحملها على ظاهرها ممتنع ، وعلى نفي الصحّة ـ بمعنى ترتّب الأثر ـ موجب للتخصيص الملحق للكلام بالهذل ، إلّا أن يراد من النيّة مطلق قصد الفعل ، فيراد من الروايات أنّ الفعل الغير المقصود لا يعدّ من أعمال الفاعل ، لأنّه صادر من غير قصده وإرادته ، فإنّ من أكرم رجلا لا بقصد أنّه «زيد» لم يكن إكرام «زيد» بهذا العنوان من أفعاله الاختيارية ، فالعمل عمل من حيث العنوان المقصود دون غيره من العناوين الغير المقصودة.
لكن هذا المقدار لا ينفع فيما نحن فيه ، لأنّا نطالب بدليل وجوب كون الوضوء بعنوانه الخاصّ عملا اختياريّا للمكلّف ، لم لا يكتفى ـ كغسل الثوب ـ بحصوله من المكلّف ولو من دون قصد لعنوانه؟ بأن يقصد الفعل لعنوان آخر ، فيتبعه حصول هذا العنوان من دون قصد ، فدعوى : بقاء هذه الأخبار على ظواهرها من إرادة الحقيقة والتمسّك بها