عن الصحاح : نويت كذا : إذا عزمت عليه (١).
وفي المجمع : النيّة هي : القصد والعزم على الفعل (٢).
وهذا إجمالا ممّا لا إشكال فيه ، بل ولا خلاف ظاهرا في ذلك.
وأمّا ما نسب إلى المشهور من أنّ النيّة عندهم هي الصورة المخطرة بالبال ، وأنّها حديث نفسي ممتدّ ، وأنّها عندهم مركّبة لا بسيطة (٣) ، فهو ـ على الظاهر ـ اشتباه نشأ من الغفلة عن فهم مرادهم ، فإنّ مقصودهم ـ بحسب الظاهر ـ أنّ النيّة عبارة عن الإرادة التفصيلية المنبعثة عن تصوّر الفعل وغايته ، فالصورة المخطرة مقدّمة للنيّة لا نفسها.
كما يشهد لذلك ما في كلماتهم من تفسيرها بأنّها (إرادة تفعل بالقلب).
وأمّا الأمر المغروس في الذهن ، الباقي في النفس ، الموجب لاتّصاف مجموع العمل بكونه عملا اختياريّا ، المعبّر عنه في لسان المتأخّرين بالداعي إلى الفعل ، فلا يسمّى نيّة عندهم ، بل لا تصدق الإرادة والقصد عليه حقيقة لديهم ، بل هو من آثار النيّة السابقة وأحكامها ، ويعتبرون استدامته إلى آخر العمل حتى يتّصف تمام العمل بكونه اختياريّا صادرا عن قصد وإرادة ، ويعبّرون عنها بالاستدامة الحكمية.
وأمّا المتأخّرون الذين خالفوهم في ذلك ، فذهبوا إلى أنّ النيّة أعمّ
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٨٠ ، وانظر : الصحاح ٦ : ٢٥١٦ «نوى».
(٢) مجمع البحرين ١ : ٤٢٣ «نوا».
(٣) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٨١.