اقتران المأمور به بالإرادة التفصيليّة المتّصلة به بعد صدق الإطاعة والعبادة عقلا وعرفا على فاقدتها.
ويشهد بذلك : حكم العقلاء قاطبة بكون العبد الذي التفت إلى أمر المولى بشراء اللّحم ، فقام من مقامه ، ولبس ثيابه ، ومشى إلى السوق ، واشترى اللحم بداعي أمر المولى مطيعا ولو لم يلتفت تفصيلا إلى الأمر حال إيجاده الفعل المأمور به.
قال في الحدائق حاكيا عن بعض المحقّقين من متأخّري المتأخّرين : إنّه لمّا كانت النيّة عبارة عن القصد إلى الفعل بعد تصوّر الدواعي له والحامل عليه ، والضرورة قاضية ـ كما نجده في سائر أفعالنا ـ بأنّه قد يعرض لنا مع الاشتغال بالفعل الغفلة عن ذلك القصد والداعي في أثناء الفعل ، بحيث إنّا لو رجعنا إلى وجداننا لرأينا النفس باقية على ذلك القصد الأوّل ، ومع ذلك لا نحكم على أنفسنا ولا يحكم علينا غيرنا بأنّ ما فعلناه وقت الذهول والغفلة بغير نيّة وقصد ، بل من المعلوم أنّه أثر ذلك القصد والداعي السابقين ، كان الحكم للعبادة كذلك ، إذ ليست العبادة إلّا كغيرها من الأفعال الاختيارية للمكلّف ، والنيّة ليست إلّا عبارة عمّا ذكرنا.
ثمّ قال : إنّه كما يجوز صدور الفعل بالإرادة لغرض مع الذهول في أثنائه عن تصوّر الفعل والغرض مفصّلا ، فكذلك يمكن صدوره بالإرادة لغرض مع الذهول عنها مفصّلا في ابتداء الفعل أيضا إذا تصوّر الفعل والغرض في زمان سابق عليه ، وذلك باعث على صدور الفعل في هذا الزمان ، والضرورة حاكمة أيضا بوقوع هذا الغرض عند ملاحظة حال