على اعتباره في الغاية ، بل الأدلّة على خلافه ، كيف وأكثر العوام لا يعلمون ذلك ، بل بعض الخواصّ يعتقدون عدم وجوب كون الفعل الواجب واجبا عقليّا ، بل يزعمون أنّه يكفي في التكليف حسن التكليف ، ولا يتوقّف على حسن المكلّف به.
والحاصل : أنّه ليس على المطيع في مقام الإطاعة إلّا تصوّر الفعل الخاصّ الواقع في حيّز الطلب ، والقصد إلى فعله طاعة لله تعالى ، وهذا ممّا يحصل على مذهب العدليّة والأشاعرة المنكرين للوجوب العقلي ، والزائد على ذلك الذي يختصّ تحقّقه بمذهب العدليّة لا دليل على اعتباره.
وأمّا ما نسب (١) إلى العدليّة ، وصرّح به المحقّق الطوسي ـ فيما حكي (٢) عنه ـ من أنّه يشترط في استحقاق الثواب على الواجب والمندوب الإتيان به لوجوبه أو ندبه ، أو وجههما ، فالمظنون قويّا بل يكاد يلحق بالمقطوع به : أنّ محطّ نظرهم بيان اشتراط كون العمل لله تعالى في استحقاق الثواب ، بأن يكون امتثالا لأمره تعالى أو بداعي شكره أو غيره من المصالح الموجبة للأمر احترازا عمّا لو أتى بالفعل لأغراض أخر غير امتثال الأمر أو الجهات المقتضية له ، فلا يستحقّ حينئذ بعمله الأجر والثواب ، كما هو واضح.
وأمّا تخصيص القول بالعدلية : فلانتفاء أصل الاستحقاق على مذهب
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٨٥.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٨٥ ، وانظر تجريد الاعتقاد : ٣٠١.