وجههما غاية للفعل ، لأنّه إن أريد الوجوب والندب الشرعيّان ومن وجههما سبب إيجاب الشارع وندبه ، فقد عرفت أنّه لا يجب على المطيع إلّا إيجاد الماهيّة المأمور بها بداعي الأمر ، ولا يتوقّف ذلك على إحراز مراتب الطلب ولا على إحراز سببه ، بل يكفي في حصوله علمه بجنس الطلب وإيجاده بداعي كونه مأمورا به على سبيل الإجمال.
هذا ، مع أنّ القربة المعلوم اعتبارها غاية في حصول الإطاعة في الشرعيّات التي هي عبارة عن إيجاد الفعل الذي يحصل به القرب بعنوان كونه كذلك خالصا مخلصا لله تعالى ، مغنية عن قصد الوجه ، لما أشرنا إليه إجمالا ، وستعرف تفصيله من أنّ مناط وقوع الفعل عبادة كونه مقرّبا ، أي محبوبا لله تعالى ومأتيّا به بداعي كونه كذلك ، وأنّ معرفة الوجه وقصده على القول باعتباره أو قصد جنس الطلب ـ كما هو المختار ـ إنّما هو لكونه وجها ظاهريّا يمتاز به المقرّب عن غيره ، فقصد إيجاده بعنوان كونه مقرّبا بداعي كونه كذلك مغن عن قصد وجهه ، كما أنّ قصد امتثال الطلب الحتمي أو الاستحبابي أو جنس الطلب مغن عن قصد القربة ، لكونه أخصّ منها ، فلا وجه لاعتبارهما معا غاية في مرتبة واحدة.
وقد حكي (١) هذا الاعتراض عن بعض تحقيقات الشهيد رحمهالله.
وإن أريد الوجوب والندب العقليّان ومن وجههما المصالح والمفاسد الكائنة في الأفعال أو غير ذلك مما ذكروه ، ففيه : أنّه لا دليل
__________________
(١) الحاكي هو الشهيد الثاني في روض الجنان : ٢٨ وكما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٨٥.