أن ينوي) بفعله الخاصّ التقرّب إلى الله تعالى ، ولا يعتبر قصد (الوجوب أو (١) الندب ، و) إنّما المعتبر هو قصد (القربة) التي هي عبارة عن كون العمل خالصا لله تعالى ، بأن يكون آتيا بالفعل امتثالا لأمره ، أو موافقة لطاعته أو انقيادا لحكمه أو إجابة لدعوته ، أو أداء لشكره ، أو تعظيما لجلالة.
ولو أتى بالفعل طلبا للرفعة عنده ، أو نيل ثوابه ، أو الخلاص من عقابه ، أو غيرها من الأغراض وإن كانت دنيويّة فضلا عن الأخروية ممّا لا يتوصّل إليها إلّا بإتيان الفعل طاعة لله تعالى ، صحّ ، إذ لا منافاة بين هذه الأغراض وبين الإخلاص المعتبر في صحّة العمل ، إذ ليس غائيّة تلك الأمور في عرض الإطاعة حتى يخرج الفعل بسببها عن الإخلاص ، بل هي مترتّبة عليها ، فلا تعارضها.
نعم ، لو لم يقصد بعمله إلّا هذه الأمور من دون توسيط طاعة الله تعالى ، يفسد العمل جزما.
توضيح المقام : أنّ الداعي إلى إطاعة الله تعالى ، والتقرّب إليه بامتثال أوامره ، والتجنّب عن نواهيه يختلف باختلاف درجات المطيعين والمتقرّبين ، فإنّ منهم من لا يدعوه إلى التقرّب والطاعة إلّا أهليّة المطاع لأن يعبد ، أو كون العبادة محبوبة لديه أو ما شابههما ممّا لا يبعث المطيع على الإطاعة والتقرّب إلّا ما في نفس المطاع من الأهليّة ونحوها ، لا الفائدة العائدة إلى نفسه ، وهذه المرتبة أعلى مراتب المقرّبين ، وأرفع درجات
__________________
(١) في الشرائع : أو.