المطيعين ، لأنّ غايتها أشرف الغايات ، ولا ينبغي دعواها إلّا لمن ادّعاها بقوله صلوات الله عليه : «ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنّتك ، بل وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك» (١).
ومعنى أنّه لا يقصد بعمله إلّا أهليّة المطاع : أنّ الباعث على الفعل أوّلا وبالذات ليس إلّا هي ، أنّه لا يخاف من عقاب الله تعالى ولا يرجو ثوابه ولا يريده بعبادته ، كما لا يخفى.
ومنهم من يقصد بطاعته التقرّب إلى الله تعالى من حيث إنّه في حدّ ذاته كمال له ، وهذه أعلى الغايات وأشرفها لمن يطيع الله تعالى لتحصيل الفوائد والغايات ، لأنّ هذه الفائدة أعظم الفوائد وأشرفها ، والعكوف لديها آخر منازل السالكين ، وغاية آمال العارفين.
ومنهم من يقصد بطاعته الفوز بالثواب أو التخلّص عن العقاب ، ودونهم في الرتبة من نوى بطاعته الوصول إلى الملاذّ الدنيويّة التي هي من قبيل الخواصّ المترتّبة على فعلها طاعة لله تعالى ، كما ورد في صلاة الليل من أنّها تدرّ الرزق (٢) ، وفي صلاة الحاجات وغيرها من الأدعية المأثورة للأغراض الدنيويّة ، وهذه أخسّ المراتب وأدناها ، لأنّ صاحبها ليس إلّا كالفقير المعدم الذي لا يقصد بمشيه إلى حضرة السلطان وقربه منه إلّا التناول من فضل طعامه ، لا لأجل أنّ طعامه له شرافة وفضل ، بل
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ـ لابن ميثم ـ ٥ : ٣٦١ ، القواعد والفوائد ـ للشهيد الأوّل ـ ١ : ٧٧.
(٢) ثواب الأعمال : ٦٤ ـ ٦٥ ـ ٨ ، الوسائل ، الباب ٣٩ من أبواب بقية الصلوات المندوبة ، ذيل الحديث ١٧.