لنفس الطعام من حيث ذاته من دون فرق بين أن يصل إليه من السلطان أو من غيره ، فهذا الشخص ممّن لم يذق طعم الكمالات الحقيقيّة ، ولم يستأنس إلّا بالشهوات الجسمانية ، فلا يليق به إلّا الفوز بما نواه ، وبين هذه المراتب أيضا مراتب لا تحصى ، والكلّ مشتركة في صحّة العمل بها ، وكونه مسقطا للأمر.
أمّا فيما عدا قصد الفوز بالثواب والتخلّص من العقاب وما دونها في الرتبة فلا كلام فيه.
وأمّا فيه وإن كان ظاهر بعض الاستشكال في صحّته إلّا أنّك عرفت أنّه لا إشكال فيها أيضا ، لأنّ ترتّب الشيء على الإطاعة بالفعل لا يخرج الإطاعة عن كونها غاية للعمل حتى يعارضها في الإخلاص.
وإن أبيت إلّا عن ذلك ، فنقول : كفانا ـ في صحّة من ينوي بإطاعة الثواب أو الأمن من العقاب بل وغيرهما من الحوائج الدنيويّة ـ الآيات والأخبار المتكاثرة التي لا يحوم حولها الحدّ والحصر ، الدالّة على الصحّة.
وكفاك في ذلك أخبار التسامح ومشروعية صلاة الحاجات والأدعية المأثورة في طلب الأولاد وغيره ، بل ما فيها من الوعد والوعيد المعلوم سوقها لترغيب الناس بالطاعات والتحذير عن المعاصي.
وبعد الغضّ عن جميع ذلك ، نقول : كيف يمكن تكليف البخيل ـ الذي يحبّ المال حبّا شديدا ـ بأنّه يجب عليك أن تدفع خمس مالك حبّا لله لا خوفا من عقابه ، وهل هذا إلّا التكليف بغير المقدور؟