والذي قوّاه سيّد (١) مشايخنا ـ دام ظلّه ـ في مجلس البحث ، هو التفصيل ، فتفسد العبادة لو لم يكن قاصدا للامتثال على نحو الإطلاق في الواجبات ، للتأمّل في صدق الإطاعة عرفا على فعل من يقتصر على بعض المحتملات في الواجبات ، لكون القصد فيها مشوبا بالتجرّي ، واختلاط التجرّي في البين موجب للتردّد في صدق الإطاعة ، لكونه بمنزلة الآتي بالفعل من دون قصد الامتثال ، وهذا بخلاف المستحبّات حيث لا تجرّي فيها ، ولا شبهة في أنّ من أتى ببعض المحتملات ناويا بفعله أنّه إن كان هو المحبوب الواقعي ، فهو ، وإلّا فتارك له يعدّ بنظر العرف مطيعا ، ويستحقّ بعمله المدح والثواب ، فإنّ الإطاعة عرفا وعقلا ليس إلّا عبارة عن إتيان المأمور به بقصد امتثال الأمر ، وهذا المعنى حاصل في الفرض ، لأنّ الباعث على الفعل ليس إلّا إرادة الامتثال ، وهذا وإن اقتضى الصحّة في الواجبات أيضا ، إلّا أنّ كون القصد مشوبا بالتجرّي مانع من الجزم بصدق الإطاعة عليه عرفا.
هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّ التفرقة بينهما في صدق الإطاعة لا يخلو عن تأمّل ، لأنّ التجرّي إنّما يتحقّق بترك الآخر لا بفعل المأتي به ، فما هو الملاك في حصول الإطاعة موجود في كليهما ، فليتأمّل.
وعن بعض علماء العصر اختيار الصحّة مطلقا. ولعلّه لا يخلو عن قوّة.
وبما ذكرنا ظهر أنّه لا ينبغي التردّد في صحّة العمل على تقدير
__________________
(١) هو السيّد محمّد بن حسن المجدّد الشيرازي قدسسره.