والمذي ليس بناقض.
وممّا يؤيّد عدم ظهور هذه الأخبار في إرادة التقييد عدم استفادة المشهور منها ذلك ، ولذا التزموا بناقضية الخارج من غير السبيلين بشرط الاعتياد. واستدلّ لهم بإطلاقات الأدلّة ، وعدم صلاحية المقيّدات للتقييد ، لورود القيد مورد الغالب ، وحينئذ يتوجّه عليهم سؤال الفرق بين الاعتياد وعدمه.
ولا تسمع منهم دعوى انصراف البول والغائط والريح المذكورة في الروايات إلى الأفراد الخارجة من مخرجها المتعارف لكلّ شخص بحسبه ، لأنّها مجازفة من القول ، فإنّ المتبادر منها إمّا صرف هذه الطبائع من حيث هي ، أو ما خرج منها من مخرجها المتعارف بحسب النوع ، وأمّا الواسطة بين الأمرين فلا تكاد تخطر في أذهان المخاطبين.
هذا كلّه ، مع أنّ في بعض تلك الأخبار المقيّدة ما يدلّ على عموم الحكم وعدم اختصاصه بما يخرج من المخرج المتعارف.
مثل : ما عن العلل وعيون الأخبار عن الفضل بن شاذان عن الرضا عليهالسلام ، قال : «إنّما وجب الوضوء ممّا خرج من الطرفين خاصّة ، ومن النوم دون سائر الأشياء ، لأنّ الطرفين هما طريق النجاسة ، وليس للإنسان طريق تصيبه النجاسة من نفسه إلّا منهما ، فأمروا عند ما تصيبهم تلك النجاسة من أنفسهم» (١) الحديث.
__________________
(١) علل الشرائع : ٢٥٧ ، عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٠٤ ، الوسائل ، الباب ٣ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١٣.