الأثرين ، فلم يدلّ عليه دليل ، ومقتضى الأصل : عدم اعتباره وبراءة الذمّة عنه.
فالأولى الاستدلال للمدّعي من أوّل الأمر : بالأصل بعد وضوح خروج قصد الأثرين من ماهيّة المأمور به بعنوانه الواقع في حيّز الطلب ، وعدم توقّف قصد القربة والإطاعة المعتبر في صحّتها على قصد الأثرين ، بل ولا على العلم بترتّبهما على الوضوء ، فلو توضّأ لقراءة القرآن ونحوها امتثالا لأمره ، فقد نوى التقرّب وإن لم يعلم بأن هذا الوضوء مبيح للصلاة ، كما هو واضح.
ولعلّ عدول شيخنا المرتضى رحمهالله عن ذلك نشأ من استشكاله في التمسّك بأصل البراءة عند الشكّ في شرائط الوضوء ، كما ستعرف وجهه في بعض مجاريه ، والله العالم.
وعن المعتبر والمنتهى الاستدلال لاعتبار قصد الاستباحة التي تتحقّق تارة برفع المانع وهو الحدث ، واخرى برفع منعه ، كما في المستحاضة والمسلوس ونحوهما : بقوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ) (١) (٢) إلى آخره.
تقريب الاستدلال : أنّ الظاهر منه كون ذلك لأجل الصلاة ، كما يقال : إذا لقيت الأسد فخذ سلاحك ، وإذا لقيت الأمير فخذ أهبتك ، فلا بدّ
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦.
(٢) حكاه عنهما الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٨٧ ، وانظر : المعتبر ١ : ١٣٩ ، ومنتهى المطلب ١ : ٥٥.