وعن الحلّي التفصيل بين اتّحاد الجنس (١) وتعدّده (٢).
وليعلم أوّلا أنّ الشكّ في كفاية فعل واحد في مقام الامتثال قد يكون مسبّبا عن الشكّ في تأثير كلّ سبب على نحو الاستقلال ، فيؤول الشكّ إلى أنّ كلّ واحد من هذه الأسباب هل هو سبب مستقلّ على الإطلاق أو أنّ تأثيره مستقلّا مشروط بعدم اقترانه أو مسبوقيّته بسبب آخر ، فيكون بمنزلة الحدث الواقع عقيب حدث أو معه؟
وقد يكون الشكّ مسبّبا عن أنّ الفعل الواحد هل يقع امتثالا للأوامر المتعدّدة المسبّبة عن الأسباب المختلفة؟ نظير ما مرّ عليك في الضميمة الراجحة من وقوع الفعل الواحد الشخصي امتثالا للأوامر المتعدّدة المتعلّقة بالعناوين المختلفة المتصادقة عليه ، فعلى الأوّل يكون الشكّ في تداخل الأسباب بمعنى عدم تأثيرها إلّا في مسبّب واحد ، وعلى الثاني يكون الشكّ في تداخل المسبّبات ، ومقتضى الأصل العملي في الأوّل البراءة ، لرجوع الشكّ فيه إلى الشكّ في وحدة التكليف وتعدّده ، فالزائد عن المعلوم ينفى بالأصل ، وفي الثاني الاشتغال ، لأنّ كفاية الفعل الواحد في مقام الامتثال غير معلومة ، فيجب عليه الاحتياط حتى يقطع بالفراغ.
ولعلّ هذا هو مراد من أطلق القول وقال : الأصل عدم التداخل ، أو أنّه عنى بالأصل ما تقتضيه القواعد اللفظية فيما إذا كان الدليل لفظيّا ، وإلّا فقد عرفت أنّ الأصل في الأسباب التداخل ، وأمّا مقتضى القواعد اللفظية
__________________
(١) أي : جنس الشروط.
(٢) كما في كفاية الأصول : ٢٠٢ ، وانظر : السرائر ١ : ٢٥٨.