فإنّما هو سببيّة كلّ شرط للجزاء مستقلّا ، كما تقرّر في الأصول ، ومقتضاه تعدّد اشتغال ذمّة المكلّف بتعدّد سببه ، لأنّ مقتضى إطلاق سببيّة كلّ شرط تنجّز الأمر بالجزاء عند حصول شرطه ، ومقتضى تنجّز الخطاب عند كلّ سبب حصول اشتغال الذمّة للمكلّف بفعل الجزاء بعدد الخطابات المتوجّهة إليه ، فكأنّ المولى قال في المثال المفروض في أوّل العنوان بعد حصول الأسباب المفروضة : أعط زيدا درهما لأجل مجيئه ، وأعطه درهما لأجل إكرامه ، إلى غير ذلك ، ومن المعلوم أنّه لا يعقل تعدّد التكليف والاشتغال إلّا مع تعدّد المشتغل به ، فإذا اشتغلت ذمّته بإعطاء درهم مرّتين ، يجب عليه إعطاء درهمين ، لأنّ إعطاء درهم واحد لا يعقل أن يقع امتثالا لأمرين ، إلّا أن يكون الأمر الثاني تأكيدا للأمر الأوّل ، وكونه كذلك ممتنع بعد فرض تأثير السبب الثاني في الفعل ، إذا لا يمكن أن يكون قوله : أعط زيدا درهما لأجل مجيئه ، تأكيدا لقوله : أعط زيدا درهما لأجل إكرامه.
وبما ذكرنا ظهر ضعف ما قد يتوهّم من أنّ اللازم من تعدّد السبب إنّما هو تعدّد الوجوب ، وهو لا يقتضي تعدّد الواجب ، بل قد تجتمع إيجابات متعدّدة في واجب واحد للتأكيد أو لجهات متعدّدة ، كما لو قتل زيد بسبب الارتداد وقتل النفس المحترمة والزنا بمحصنة ، ونظائره في الشرعيّات كثيرة.
توضيح ما فيه من الضعف : أنّه لا شبهة في أنّ السبب الأوّل سبب تامّ في اشتغال ذمّة المكلّف بإيجاد الجزاء في الخارج ، والسبب الثاني إن