أثّر في اشتغال ذمّته ثانيا ، وجب أن يكون أثره اشتغالا آخر غير الاشتغال الأوّل ، لأنّ تأثير المتأخّر في وجود المتقدّم غير معقول ، وتعدّد الاشتغال مع وحدة الفعل المشتغل به ذاتا ووجودا غير متصوّر.
وإن شئت قلت : إنّ الفعل الواحد الشخصي لا يجوز أن يكون معروضا لوجوبين ، لاستحالة اجتماع الامتثال ، كالأضداد ، وأمّا الطبيعة النوعيّة فجواز اتّصافها بأحكام متماثلة أو متضادّة فإنّما هو بلحاظ وجوداتها المتكثّرة ، لا بلحاظ نفسها من حيث هي ، فإنّها بهذه الملاحظة لا تتحمّل إلّا حكما واحدا ، كالواحد الشخصي ، فلا معنى لتعلّق وجوبين بالطبيعة إلّا وجوب إيجادها مرّتين.
وإن لم يؤثّر السبب الثاني في الاشتغال ثانيا ، فيجب أن يستند عدم التأثير إمّا إلى فقد المقتضي أو وجود المانع ، والكلّ منتف في الفرض ، لأنّ ظاهر القضيّة الشرطيّة سببيّة الشرط مطلقا ، والمحلّ قابل للتأثير ، والمكلّف قادر على الامتثال ، فأيّ مانع من التنجّز؟
وأمّا وجوب قتل زيد بالأسباب العديدة في المثال المذكور فليس إلّا مسبّبا عن السبب الأوّل ، وما عداه من الأسباب اللاحقة إنّما تؤكّد ذلك الوجوب ، لا أنّها مؤثّرة في إيجاب جديد.
وكونها كذلك ليس لقصور في سببيّتها ، بل إنّما هو لعدم قابليّة المحلّ إلّا لذلك ، فكونها مؤكّدة وإن كان خلاف ظاهر الشرطيّة وإطلاق السببيّة ولكنّه بحكم العقل بعد إحراز عدم قابليّة المحلّ ، وهذا بخلاف ما نحن فيه ، فإنّ المحلّ قابل ، والمقتضي تامّ التأثير ، فيتأثّر ، وليس حال