المسبّب عن كلّ سبب مغايرا للحدث المسبّب عن سبب آخر ، فلا بدّ من أن ينظر إلى ما جعله الشارع رافعا له ، فإن كان المجعول رافعا له رافعا لجنسه بوجوده الشخصي من دون فرق بين كونه شديدا أو ضعيفا ، واحدا أو متعدّدا ، نظير إزالة قذارات صورية متعدّدة بغسلة واحدة من الماء ، فلا إشكال أيضا في كفاية الغسل الواحد بنيّة القربة (لو كانت عليه أغسال) متعدّدة.
وأمّا لو لم يكن كذلك ، بأن كان المجعول رافعا لحدث الحيض أو الاستحاضة مثلا قسما من الغسل مغايرا لما هو رافع للجنابة ، أو المجعول رافعا للمرتبة الشديدة الحاصلة بتوارد الأسباب مغايرا لما جعله رافعا للمرتبة الضعيفة ولو بتكرير الغسل ، فيجب أن يأتي لكلّ سبب بخصوصه ما جعله الشارع رافعا له ، أو يختار في مقام امتثال الجميع فردا يعلم بكونه مصداقا لجميع العناوين المزيلة لأثر الأسباب المجتمعة.
واختياره هذا الفرد موقوف على علمه بتصادق الطبيعتين في الجملة ، إذ لا يكفي مجرّد الاحتمال بعد ثبوت الاشتغال ، كما أنّه لا يكفي في جواز الاقتصار على غسل واحد مجرّد احتمال اتّحاد الحدث نوعا ، وعدم قابليته للتزايد ، أو احتمال اتّحاد طبيعة الغسل الذي جعل رافعا لمطلق الحدث ، لما عرفت من أنّ مقتضى إطلاق سببيّة كلّ واحد من هذه الأسباب تأثيره مستقلّا في إيجاب الغسل ، ولازمه التعدّد ، إلّا أن يدلّ دليل خارجي من عقل أو نقل على كفاية الواحد ، فيرفع اليد به عن الظاهر.
ومجرّد اتّحاد أفراد الغسل صورة لا يدلّ على وحدة حقيقيّة ،