لاستفادتهم حكم المسألة من هذه الأدلّة بحيث لو لم تكن لهم هذه الأدلّة لأفتوا بخلافه.
فالإنصاف أنّه قلّما يوجد في الأحكام الشرعية مورد يمكن استكشاف قول الإمام عليهالسلام ، أو وجود دليل معتبر من اتّفاق الأصحاب مثل المقام ، كما أنّه قلّما يمكن الاطّلاع على الإجماع لكثرة ناقلية واعتضاد نقلهم بعدم نقل الخلاف كما فيما نحن فيه ، فاتّفاق كلمة الأصحاب هو العمدة في المقام.
وربّما استدلّ له : بصحيحة معمر بن خلّاد ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجل به علّة لا يقدر على الاضطجاع والوضوء يشتدّ عليه وهو قاعد مستند بالوسائد ، فربما أغفى (١) وهو قاعد على تلك الحال ، قال :«يتوضّأ» قلت له : إنّ الوضوء يشتدّ عليه ، قال : «إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء» (٢).
وأورد عليه : أنّ الإغفاء لغة بمعنى النوم ، فلا يتمّ الاستدلال به على المطلوب.
وأجيب عنه : بأنّ قوله عليهالسلام : «إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء» مطلق فلا يتقيّد بالمقدّمة الخاصة.
وأورد عليه بأنّ الضمير في قوله : «عنه» يرجع إلى الرجل المحدث
__________________
(١) أغفيت إغفاء : نمت. الصحاح ٦ : ٢٤٤٨ «غفا».
(٢) الكافي ٣ : ٣٧ ـ ١٤ ، التهذيب ١ : ٩ : ١٤ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.