وفي دلالة الأخير على المدّعى تأمّل ، لكونه مسوقا لبيان نفي وجوب المضمضة والاستنشاق ، فالحصر إضافيّ ، فتأمّل.
وكيف كان فهذا الحكم إجماعا ممّا لا شبهة فيه ، لصراحة الأخبار في إفادته ، بل عليه إجماع الفرقة ، كما عن الخلاف وغيره (١) نقله ، إلّا أنّ الإشكال والخلاف في تشخيص بعض مصاديقه الخفيّة ، كاللحية الخفيفة التي لا تغطّي البشرة ولا تمنع من وقوع حسّ البصر عليها ، فإنّ كلمات الأعلام في بيان حكمها في غاية الاضطراب حتى أنّ منهم من نفى الخلاف في وجوب تخليلها ، ومنهم من عكس الأمر ، وادّعى نفي الخلاف في عدم وجوب تخليلها ، وثالث جعل نزاعهم فيه لفظيّا.
قال الشهيد الثاني في محكيّ شرح الألفيّة : واعلم أنّ الخلاف في غسل بشرة الخفيف إنّما هو في المستور منها كما بيّنّاه ، لا في البشرة الظاهرة خلال الشعر على كلّ حال ، فإنّه يجب غسلها إجماعا ، لعدم انتقال اسم الوجه عنها وعدم إحاطة الشعر بها ، فعلى هذا لا بدّ في خفيف الشعر من إدخال الماء إلى البشرة التي بين شعره وغسل ما ظهر ، وحينئذ فتقلّ فائدة الخلاف في ذلك (٢). انتهى.
وجه قلّة الفائدة على هذا التقدير ظاهر ، لتوقّف غسل البشرة الظاهرة خلال الشعر الخفيف غالبا على غسل ما يستره الشعر الخفيف ولو
__________________
(١) الحاكي هو العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ٢٤١ ، وانظر : الخلاف ١ : ٧٦ ذيل المسألة ٢٢ ، والمسائل الناصرية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٢٢٠ ، المسألة ٢٦.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ١١٢ ، وانظر : المقاصد العلية : ٥٢ ـ ٥٣.