الأدلّة على اعتباره.
والأقوى ما ذكره المصنّف من كفاية ما يسمّى به ماسحا عرفا من دون فرق بين الاختيار والاضطرار ، ولا الرجل والمرأة ، لإطلاق الآية ، بل وكذا الرواية المتقدّمة (١) الواردة في تفسيرها.
والمناقشة في إطلاقها : بعدم كونها مسوقة لبيان هذا الحكم حتى يصحّ التمسّك بإطلاقها ، مدفوعة : بأنّ وقوعها تفسيرا للآية التي لها إطلاق قرينة على إرادة مطلق مسح بعض الرأس ، المتحقّق بمسمّاه ، لا البعض في الجملة ، فالرواية لأجل كونها تفسيرا للآية بمنزلتها في الإطلاق.
وقد يناقش في دلالة الآية على كفاية مسمّى المسح : بإنكار سيبويه مجيء الباء للتبعيض (٢) ، فلا يجوز حمل الآية عليه.
وفيه : أنّ منع دلالة الآية لا يتوقّف على إنكار مجيء الباء للتبعيض حتى يعارض إنكار سيبويه بتصريح غير واحد من النحاة ـ كابن جنّي وابن مالك وابن هشام (٣) وغيرهم ـ بمجيئها للتبعيض كثيرا في النظم والنثر ، بل يكفي في عدم ظهورها في ذلك : عدم القرينة على تعيّن إرادته ، لأنّ حمل المشترك على بعض معانيه يحتاج إلى قرينة معيّنة ، ومع وجودها لا يضرّ إنكار سيبويه ولا غيره ، إذ بعد ظهور الكلام ـ بمساعدة القرينة ـ في إرادة المسح على بعض الرأس لا بدّ إمّا من الالتزام بأنّ الباء في الآية
__________________
(١) تقدّمت في ص ٣٤٠.
(٢) انظر الكتاب ٤ : ٢١٧.
(٣) انظر : مغني اللبيب ١ : ١٤٢.