للتبعيض إمّا حقيقة لو سلّمناه ، أو مجازا لو جوّزناه ، أو الالتزام بأنّ المراد من الرأس بعضه مجازا ، أو أنّ المسح متضمّن لمعنى ما يتحقّق عرفا بوقوعه على بعض الرأس ، كالمرور أو اللصوق أو الملابسة أو غيرها.
والإنصاف أنّ إدراج كلمة الباء في البين وتغيير الأسلوب مع أنّ المسح ممّا يتعدّى بنفسه لو لم نقل بدلالته على التضمين أو إرادة البعض من نفسها باستعمالها للتبعيض ، أو من مدخولها مجازا ، فلا أقلّ من إشعاره بذلك.
هذا كلّه ، مع قطع النظر عن الصحيحة الواردة في تفسيرها ، وإلّا فلا مجال للمناقشة في دلالتها بعد تصريح أهل بيت الوحي الذين هم أدرى بما فيه : بأنّ المراد منها المسح على بعض الرأس ، غاية الأمر أنّا لو أنكرنا مجيء الباء للتبعيض ، نلتزم بالتجوّز أو التضمين ، كما هو ظاهر.
وقد عرفت ممّا ذكرنا أنّ ما حكي (١) عن العلّامة ـ رحمهالله ـ من إنكار مجيء كلمة الباء للتبعيض ، استنادا إلى إنكار سيبويه مجيئها له ليس أمرا منافيا للرواية الصحيحة ، كما توهّمه بعض القاصرين المنحرفين عن الصواب ، فأخذ في الطعن وإساءة الأدب على رؤساء الدين الذين لو لا هم ، لكان أكثر الطاعنين في بيداء الضلالة تائهين.
وقد جرّأهم على ذلك شيخنا البهائي ـ رحمهالله ـ حيث اعترض ـ فيما حكي عنه ـ على العلّامة : باقتضاء كلامه طرح الرواية الصحيحة ، لقول سيبويه (٢) وقد عرفت أنّ الاعتراض من مثله منشؤه الغفلة.
__________________
(١) الحاكي عنه الشيخ البهائي في هامش الحبل المتين : ١٦.
(٢) الحبل المتين : ١٦ (الهامش).