جوازه مع وجودها في اليد ، وليس في المنطوق لفظ الوجوب حتى يكون مفهوم القضيّة انتفاء الوجوب على تقدير وجود البلّة في اليد.
وقد تقرّر في الأصول أنّ مفهوم «إن جاءك زيد فأكرمه» إن لم يجئك فلا تكرمه ، لا : فلا يجب إكرامه ، فقضيّة مفهوم الشرط في المقام تقييد المطلقات إلّا أنّ جري المقيّدات مجرى العادة يمنعها من الظهور في الاشتراط ، ولذا لم يشترط أحد جواز أخذ البلّة من أشفار العينين بفقدها في الحاجبين ، ومن الحاجبين بعدم اللحية أو بفقد البلّة فيها.
وقد وجّه غير واحد من الأعلام ـ كصاحبي المسالك والمدارك قدسسرهما ـ كلمات الأصحاب بما وجّهنا به الأخبار المقيّدة.
قال في المدارك ـ بعد قول المصنّف رحمهالله : ولو جفّ ما على يديه أخذ من لحيته ، إلى آخره ـ : الظاهر أنّه لا يشترط في الأخذ من هذه المواضع جفاف اليد ، بل يجوز مطلقا ، والتعليق في عبارات الأصحاب مخرج مخرج الأغلب ، ولا يختصّ الأخذ بهذه المواضع ، بل يجوز من جميع محالّ الوضوء. وتخصيص الشعر ، لكونه مظنّة البلل (١). انتهى.
ولا يخفى عليك أنّ إلغاء مفهوم الشرط في عبائر الأصحاب مشكل ، لأنّ القيود المأخوذة في كلماتهم احترازيّة غالبا ، ولذا شاع في الألسن أنّ مفهوم اللقب في عبائر العلماء حجّة ، إلّا أنّ تخصيص الشعر في كلماتهم بالذكر مع عدم التزامهم ظاهرا بالاختصاص وغيره من القرائن
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٢١٣ ، وانظر : مسالك الأفهام ١ : ٣٨.