ويمسح رأسه ، وإن لم يكن في لحيته بلل فلينصرف وليعد الوضوء» (١).
وتخصيص اللحية بالذكر في رواية مالك ، والأمر بإعادة الوضوء على تقدير جفافها لا ينافي غيرها من الأدلّة الدالّة على جواز الأخذ من سائر المواضع ، لأنّ جفاف اللحية عادة ملازم لجفاف سائر الأعضاء ، كما أنّ عدم ذكر سائر المواضع فيما عداها من الأخبار عدا الحاجبين وأشفار العينين لا ينافي ما قدّمنا من جواز الأخذ من سائر المواضع ، لأنّ تخصيص هذه المواضع بالذكر دون ما عداها ، لكونها مظنّة بقاء الماء لا إرادة الخصوصيّة ، كما يشهد بذلك قرائن كثيرة من نفس هذه الأخبار ، فضلا عن الشواهد الخارجيّة ، منها : ظهور صدر مرسلة الفقيه وذيلها في أنّ الواجب حصول المسح ببقيّة بلّة الوضوء وأنّ الإعادة منوطة بعدمها.
والظاهر أنّ قوله عليهالسلام : «فإن لم يكن بقي في يدك» إلى آخره ، مسوق لدفع توهّم اختصاص البلّة باليد ، فتخصيص اللحية بالذكر لواجدها والحاجبين وأشفار العينين لفاقدها ، لاستلزام جفافها عادة جفاف ما عداها من المواضع ، وإلّا فاختصاص الجواز بالأخذ من اللحية لواجدها دون غيرها من المواضع ممّا لم يقل به أحد بحسب الظاهر.
وهل يختصّ جواز أخذ البلّة من سائر المواضع بجفاف اليد ، أم يجوز مطلقا وإنّما المشروط بالجفاف وجوب الأخذ لا جوازه؟ وجهان : من إطلاقات أوامر المسح ببقيّة البلل ومن تقييد الأخذ من اللحية وغيرها من المواضع في الأخبار الخاصّة بجفاف اليد ، الدالّة بمفهومها على عدم
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٠١ ـ ٧٨٨ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب الوضوء ، الحديث ٧.