عدم إمكان تقييده بثلاث أصابع فضلا عن الكفّ مبنيّ على أن يكون ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع بدلا من قدميه ، كي يكون معناه : فإذا مسح بشيء من هذا العضو فقد أجزأه.
ولكن لا تتعيّن إرادة هذا المعنى ، بل يحتمل قويّا كونه بيانا للشيء لا بدلا من قدميه ، فيكون معناه على هذا التقدير : فإذا مسح بشيء ، أي ببعض من قديمه ، الذي هو عبارة عمّا بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه ، فيدلّ على الاستيعاب من حيث الطول ، أمّا من حيث العرض فإمّا مجمل أو ظاهر في الاستيعاب أيضا ، ولكن يرفع اليد عنه بواسطة القرائن المنفصلة من إجماع ونحوه.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ وقوع الحكم في الرواية تفريعا على الآية يجعلها بمنزلة الصحيحة الآتية التي ستعرف أنّها كادت تكون صريحة في المدّعى ، فليتأمّل.
ومنها : صحيحة أخرى لزرارة ، الواردة في كيفية استفادة مسح بعض الرأس والرّجلين من الكتاب العزيز ، المتقدّمة (١) في مسح الرأس ، وفيها : «فقال (وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) فعرفنا حين وصلهما بالرأس أنّ المسح على بعضهما».
وهذه الصحيحة صريحة في كفاية المسح ببعض الأرجل إلى الكعبين ، أي ببعض هذا العضو ، فلا يتطرّق فيها شائبة الإجمال من هذه الجهة ، ولكنّ إطلاقها وارد مورد حكم آخر ، فمن هنا قد يتوهّم ضعف
__________________
(١) تقدّمت في ص ٣٤٠.