ظاهرها كون الكعب غاية للمسح ، وهو غير لازم ، لجواز النكس ، كما سيجيء ، فالمراد منها إمّا الاستحباب ، أو أنّ الغاية غاية للممسوح ، كما أنّ قوله تعالى (إِلَى الْمَرافِقِ) (١) غاية للمغسول لا للغسل ، فلا يستفاد منها حدّ المسح ، ضعيفة جدّا ، لأنّ رفع اليد عن ظاهر الآية والروايات في الجملة لدليل لا يوجب إهمالها رأسا ، ولا شبهة في أنّه يستفاد من ظاهر قوله عليهالسلام : «امسح رجليك إلى الكعبين» أمران : أحدهما : وجوب انتهاء المسح إلى الكعب ، والآخر : وقوعه على مجموع المسافة المغيّاة بالغاية المفروضة ، ومن الواضح أنّه لو دلّ دليل الخارجي على أنّ الابتداء والانتهاء ممّا لم يتعلّق به غرض الآمر ، بل المقصود ليس إلّا حصول المسح ، لا يقتضي هذا الدليل رفع اليد عن ظهوره في الاستيعاب ، نظير ما لو أمر المولى عبده بمطالعة كتاب من أوّله إلى آخره ، وعلم العبد من الخارج أنّ الترتيب غير ملحوظ لديه ، فلا يرتاب في وجوب مطالعة مجموع الكتاب ولو بعكس الترتيب.
وأمّا ما يقال من أنّ الكعبين غاية للممسوح لا المسح ، وكذا المرافق غاية للمغسول في الآية الشريفة ، فلا يخلو عن مسامحة ، لأنّ الظرف ـ بحسب الظاهر ـ في الآية وكذا الروايات من متعلّقات الفعل لا من أوصاف الرّجل ، فليس معنى الآية وكذا الروايات أنّ الرّجل المغيّاة بهذه الغاية يجب إيقاع المسح عليها في الجملة ، بل معناها ليس إلّا ما هو الظاهر منها ، وهو وجوب إيقاع المسح إلى هذا المكان ، إلّا أنّ الغاية إنّما
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٦.