إيجاد الأفعال المأمور بها في الشريعة على وفق مذهب العامّة تقيّة ، ولازمه الإجزاء ، كما عرفت غير مرّة ، فلا ريب في عدم وجوب إعادة الأعمال الواقعة حال التقيّة من دون فرق بين أن يكون متعلّق التقيّة ممّا ورد فيه نصّ على الخصوص ، أم لا ، وإنّما الإشكال والخلاف في وجوب إعادة الوضوء الصادر تقيّة بل مطلق الوضوء الناقص بعد زوال السبب لأجل الغايات المتأخّرة ، فقد عرفت القول بوجوب الإعادة عن الشيخ وجماعة ممّن تأخّر عنه.
وفي الجواهر : اختاره في المعتبر والمنتهى ، وعن المبسوط والتذكرة والإيضاح وبعض متأخّري المتأخّرين ، وهو ظاهر كاشف اللثام. (وقيل : لا تجب إلّا لحدث) واختاره في المختلف والذكرى والدروس وجامع المقاصد والمدارك والمنظومة ، كما عن الجامع والروض ، بل ربما قيل : إنّه المشهور ، وفي التحرير : في الإعادة نظر.
__________________
نعم ، لو تعلّق به أمر بالخصوص ربما يظهر من ذلك الأمر كونه بعنوان كونه وضوءا ممضى شرعا ، فيصحّ حينئذ ، ولكن الأخبار العامّة لا تفي بذلك.
فما ذكره المحقّق المزبور من التفصيل وجيه ولكن بعد التقييد بما إذا أخلّ بما لا تختصّ شرطيّته بحال التمكّن ، فتمثيله بالصلاة إلى غير القبلة في غير محلّه ، لأنّ وجوب الاستقبال من الشرائط الاختيارية التي لا تنتفي شرعيّة الصلاة بتعذّرها ، فالمدار في صحّة المأتيّ به لو لم يدلّ عليه دليل خاصّ إنّما هو على كونه فردا اضطراريّا لذلك العمل بحيث يسوّغه سائر الضرورات ، لا مجرّد كونه عبادة صحيحة لدى العامّة ، فالإفطار لدى الغروب تقيّة مثلا ليس إلّا كالإفطار في يوم حكموا بكونه عيدا في كونه مفسدا للصوم ، اللهمّ إلّا أن يدلّ دليل خاصّ على خلافه ، فهذا هو الوجه في بطلان الوضوء بالنبيذ وأشباهه ، لا ما سيأتي ادّعاؤه ، فما حقّقناه بعد قولنا : «وليعلم ، إلى آخره» لا يخلو عن تأمّل ، فليتأمّل. (منه عفي عنه).