امتثاله بمجرّد طرحه في الماء وإخراجه ، لانصراف الأمر بالغسل عن مثل هذا الفعل قطعا ، بل عدم كونه مصداقا للغسل عرفا.
نعم ، لو عصر بعد إخراجه أو فركه في ماء كثير ليس من شأنه التغيّر بالقذارات ، لا يبعد صدق اسم الغسل عليه لدى العرف ، فإنّ لاستخراج ما جذبه الثوب من الماء بالعصر ونحوه تأثيرا في النفس في رفع النفرة الحاصلة للطبع من هذا النحو من القذارات الحكميّة التي ليس لها حقيقة متأصّلة ، والقذارات الحكميّة الشرعيّة أيضا لا يبعد أن تكون من هذا القبيل ، فيحتمل أن يكون للعصر وشبهه دخل في إزالتها فيجب.
والحاصل : أنّ مفهوم النظافة والنزاهة حقيقيّة كانت أو حكميّة إجمالا مأخوذ في ماهيّة الغسل ، فلا بدّ من القطع بحصوله في رفع اليد عن استصحاب النجاسة ، ولا يحصل القطع بذلك إلّا بالعصر فيما يتعارف عصره لدى غسله من الثياب ونحوها فيجب.
ولعلّه إلى هذا نظر من قال في العبارة المتقدّمة (١) عن المدارك : إنّا نظنّ انفصال أجزاء النجاسة مع الماء بالعصر ، بخلاف الجفاف المجرّد ، يعني نتخيّل انفصالها بالعصر ، وقد عرفت أنّ هذه الدعوى في محلّها.
فما أورده عليه صاحب المدارك من أنّه دعوى بلا دليل (٢) في غير محلّه ، مع أنّ قوله موافق للأصل ، فعلى خصمه القائل بكفاية مطلق الانفصال إثباته.
وممّا يؤيّد اشتراط العصر : ما عن الفقه الرضوي ، قال : «وإن أصابك بول
__________________
(١) في ص ١٢٠.
(٢) راجع ص ١٢٠ ، وكذا مدارك الأحكام ٢ : ٣٢٦.