ويؤيّده أيضا مرسلة الصدوق ، قال : دخل أبو جعفر عليهالسلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القذر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك معه ، فقال : «تكون معك لآكلها إذا خرجت» فلمّا خرج قال للملوك : «أين اللقمة؟» فقال : أكلتها يا ابن رسول الله ، فقال : «إنّها ما استقرّت في جوف أحد إلّا وجبت له الجنّة ، فاذهب فأنت حرّ فإنّي أكره أن استخدم رجلا من أهل الجنّة» (١).
لكن لا يبعد دعوى قبول الخبز للعصر.
وكيف كان فالاحتياط ممّا لا ينبغي تركه خصوصا بملاحظة ما في الروايات من الضعف ، بل الأحوط ترك غسل ما يرسب فيه الماء ـ من الأمثلة المتقدّمة ـ بالقليل مطلقا ، بل ترك غسل مثل الصابون والطين ولو بالكثير ، فإنّهما كالعجين يشكل الجزم بنفوذ الماء فيهما باقيا على صفته ، والله العالم.
وحكي عن القاضي في مسألة غسل اللّحم الفرق بين وقوع قليل الخمر في القدر وكثيره ، فيطهر اللّحم بالغسل في الأوّل دون الثاني (٢).
ولعلّه اقتصر في الحكم على مورد النصّ ، أو أنّه رأى استتباع الرطوبة المتنجّسة الماء المستعمل في غسله في الأوّل دون الثاني ، نظرا إلى أنّ الكثرة توجب رسوب نفس الخمر فيه ولو بواسطة الماء المتغيّر به ، فلا يطهر حينئذ إلّا بعد تخليصه من عين النجس ، وهو إمّا متعذّر أو غير ممكن إحرازه حتّى ترفع اليد به عن استصحاب النجاسة.
وملخّص الكلام من أوّله إلى آخره أنّ كلّ متنجّس أمكن غسله بأن لم يكن
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٨ ـ ١٩ / ٤٩ ، الوسائل ، الباب ٣٩ من أبواب أحكام الخلوة ، ح ١.
(٢) حكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ١ : ١٧٥ ، وانظر : المهذّب ٢ : ٤٣١.