ولكن استشكل في العمل بإطلاقهما بعض (١) المتأخّرين ، لما فيهما من ضعف السند والمخالفة للقواعد.
ولكنّ الإنصاف أنّ رفع اليد عنهما بعد كونهما مقبولتين لدى الأصحاب لو لا رعاية الاحتياط في مقام العمل أشكل.
والعجب من صاحب الحدائق حيث يرى مثل هذه الأخبار قطعيّة الصدور ، واعترف بعمل الأصحاب بهما ، ومع ذلك أعرض عنهما ، لمحض الاستبعاد.
قال في الحدائق بعد نقل الروايتين : وظاهر الأصحاب ـ من غير خلاف يعرف ـ القول بمضمونهما ، وعندي في ذلك على إطلاقه إشكال ، وذلك فإنّه إن كانت النجاسة قد رفعت بعد وقوعها بحيث لم تسر النجاسة إلّا إلى المرق وظاهر اللّحم ، فلا إشكال. وإن كانت قد بقيت في القدر مدّة بحيث غلى بها في القدر وسرت نجاسة المرق إلى باطن اللّحم ـ كما هو ظاهر عبارة العلّامة ، المتقدّمة ـ فكيف يطهر بمجرّد غسل ظاهره والنجاسة قد سرت إلى باطنه ، كما هو المفروض!؟
نعم ، لو علم وصول الماء المطهر إلى الباطن ، وكان في ماء كثير ، فالقول بالطهارة متّجه (٢). انتهى.
وهو كما ترى يشبه أن يكون اجتهادا في مقابلة النصّ ، واستبعاد الأمر غير بعيد له نظائر في الشرعيّات والعرفيّات ، فالقول به خصوصا في مورد النصّ لا يخلو عن قوّة.
__________________
(١) راجع المعالم (قسم الفقه) : ٧٤٣.
(٢) الحدائق الناضرة ٥ : ٣٧٤ ـ ٣٧٥.