ومنها : قبول مثل اللّحم ـ ممّا لا يقبل العصر ـ للتطهير.
وتوهّم قبول اللّحم المطبوخ للعصر واستخراج غسالته به مدفوع : بأنّ بعض قطعات اللّحم التي لها نوع خشونة وإن عرض له بعد الطبخ حالة يمكن استخراج بعض ما فيه بالعصر لكن كثير منها ليس كذلك ، بل ربما تشتمل على رطوبات لزجة يتعذّر بواسطتها العصر.
وتخصيص الروايتين بخصوص ما يقبل العصر مع بعده في حدّ ذاته يحتاج إلى دليل.
ومنها : الاجتزاء بما فيه من النداوة عن إيصال الماء المستعمل في تطهيره إلى ما في أعماقه ، لأنّ الماء لا يرسب فيها مع اشتمالها على الرطوبة الشاغلة لها ولا أقلّ من تعذّر تحصيل العلم بالوصول.
مع أنّ الرواية دلّت على طهارته بالغسل ، والمتبادر منه ليس إلّا إرادة الغسل المتعارف الذي لا يتحقّق معه القطع بنفوذ الماء في جميع الأجزاء الباطنيّة التي سرت النجاسة إليها ، وقد نفينا البعد عن تبعيّة الباطن للظاهر في الطهارة بغسله بالماء في مثل الفرض ، كما يتبع باطن الأرض لظاهرها عند إشراق الشمس عليه ، ويتبع ما رسب في باطن النعل للسطح الملاصق للأرض.
ولا يبعد دعوى دلالتها على طهارة المخّ ونحوه ـ ممّا يرسب فيه النجاسة عند فوران القدر ، ويتعذّر تطهيره مستقلا ، لما فيه من الأجزاء الدهنيّة ـ أيضا بالتبع ، فإنّ الغالب أن اللّحم الكثير لا ينفكّ عن مثل ذلك ، فليتأمّل.
وكيف كان فقد حكي عن الأصحاب العمل بمضمون الروايتين (١).
__________________
(١) راجع الهامش (١ و ٢) من ص ١٤٢.