بل ربّما يغلب على الظنّ عدم الحاجة إلى تجفيف ما رسب في الباطن من الرطوبة المتنجّسة مقدّمة لإيصال الماء المستعمل في التطهير إليه ، بدعوى مساعدة العرف على الاجتزاء عنه بتلك الرطوبة ، وتبعيّتها للماء المستولي على الشيء في المطهّرية.
لكن لا يعتنى بمثل هذا الظنّ في مقابلة استصحاب النجاسة ، إلّا أن يدلّ دليل عليه.
ويمكن الاستدلال له : برواية السكوني عن أبي عبد الله عليهالسلام «إنّ أمير المؤمنين عليهالسلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فأرة ، قال : يهراق مرقها ، ويغسل اللّحم ويؤكل» (١) ورواية زكريّا بن آدم ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق ، قال : «يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلاب ، واللّحم اغسله وكله» (٢) فإنّ مقتضى ترك الاستفصال : عدم الفرق بين وقوع النجاسة في القدر حال غليانها أو شدّة الحرارة الموجبة لرسوخ النجاسة في الباطن ووقوعها بعد أن بردت بحيث لم تتعدّ النجاسة عن ظاهر اللّحم ، بل ظاهر السؤال في الرواية الأولى كون الفأرة في القدر من حين الطبخ ، فيستفاد من إطلاق الأمر بغسل اللّحم في الجواب أمور :
منها : عدم الفرق بين غسله بالماء القليل والكثير.
__________________
(١) الكافي ٦ : ٢٦١ / ٣ ، التهذيب ٩ : ٨٦ ـ ٨٧ / ٣٦٥ ، الإستبصار ١ : ٢٥ / ٦٢ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، ح ٣ ، وكذا الباب ٤٤ من أبواب الأطعمة المحرّمة ، ح ١.
(٢) الكافي ٦ : ٤٢٢ (باب المسكر يقطر منه في الطعام) ح ١ ، التهذيب ١ : ٢٧٩ / ٨٢٠ ، و ٩ : ١١٩ / ٥١٢ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات ، ح ٨ ، وكذا الباب ٢٦ من أبواب الأشربة المحرّمة ، ح ١.