وحكي عن أبي الصلاح الحلبي القول بثبوت النجاسة بمطلق الظنّ سواء حصل من أمارة شرعيّة أم لا ، محتجّا عليه بأنّ الشرعيّات كلّها ظنّيّة ، وأنّ العمل بالمرجوح مع قيام الراجح قبيح (١).
وحكي عن ابن البرّاج أنّه اقتصر في طريق إثباتها على العلم ، وأنكر ثبوتها بالبيّنة التي هي أقوى الأمارات ، محتجّا عليه بأنّ الطهارة معلومة بالأصل ، وشهادة الشاهدين لا تفيد إلّا الظنّ ، فلا يترك لأجله المعلوم (٢).
أقول : الطهارة المعلومة بالأصل ، التي جعلها معارضة للظنّ الحاصل من البينة عبارة أخرى عن استصحابها ، وأنت خبير بأنّه إن ثبتت حجّيّة البينة لا يعارضها الاستصحاب وإن لم تفد الظن ، وإلّا فلا تقابل بشيء من الأصول والأدلّة ، لا لأنّها لا تفيد إلّا الظنّ ، بل لأجل أنها ليست بحجّة.
وقد يستدلّ لهذا القول : بمثل قوله عليهالسلام : «كلّ شيء نظيف حتّى تعلم أنّه قذر» (٣).
وقوله عليهالسلام : الماء كلّه طاهر حتّى تعلم أنّه قذر» (٤).
ورواية حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهالسلام ، قال : «ما أبالي أبول أصابني أو ماء إذا لم أعلم» (٥).
__________________
(١) كما في المعالم (قسم الفقه) : ٣٨١ و ٣٨٣ ، وحكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٥٣ ، وانظر : الكافي في الفقه : ١٤٠.
(٢) كما في المعالم (قسم الفقه) : ٣٨١ و ٣٨٣ ، وحكاه عنه المحقّق الكركي في جامع المقاصد ١ : ١٥٣ ، وانظر : جواهر الفقه : ٩ ، المسألة ٧.
(٣) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٢٨٥ / ٨٣٢ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٤.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ٢٥ ، الهامش (١).
(٥) التهذيب ١ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ / ٧٣٥ ، الإستبصار ١ : ١٨٠ / ٦٢٩ ، الوسائل ، الباب ٣٧ من أبواب النجاسات ، ح ٥.