وكيف كان فالمدار على إزالة العين دون ما يعدّ أثرا مجرّدا في العرف ، ولا شبهة في أنّ الرائحة المجردة وبعض مراتب اللون خصوصا اللون المخالف للون النجس الذي ربما يكتسبه المتنجّس بالخاصيّة ـ كالصفرة الحاصلة في الجسم الملاقي للميتة ـ بل وكذا بعض مراتب الخشونة الحاصلة في الثوب بعد إزالة العين تعدّ لدى العرف أثرا محضا ، فلا تجب إزالته.
ويشهد له ـ مضافا إلى ما عرفت ـ حسنة ابن المغيرة عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : قلت له : هل للاستنجاء حدّ؟ قال : «لا ، حتّى ينقى ما ثمّة» قلت : ينقى ما ثمّة ويبقى الريح ، قال : «الريح لا ينظر إليها» (١).
وخبر عليّ بن حمزة عن العبد الصالح ، قال : سألته أمّ ولد لأبيه ـ إلى أن قال ـ : قالت : أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره ، فقال : «اصبغيه بمشق حتّى يختلط ويذهب» (٢).
وخبر عيسى بن أبي منصور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : امرأة أصاب ثوبها من دم الحيض فغسلته فبقي أثر الدم في ثوبها ، قال : «قل لها : تصبغه بمشق حتّى يختلط» (٣).
تقريب الاستدلال بهما : أنّه لو كان بقاء اللون كاشفا عن وجود العين المانع من تحقّق الإزالة المعتبرة في التطهير ، لم يكن صبغه بمشق مجديا ، فالأمر به ليس إلّا للاستحباب رفعا للنفرة الحاصلة من بقاء اللون الغير المنافي لطهارة الثوب ،
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٧ / ٩ ، التهذيب ١ : ٢٨ ـ ٢٩ / ٧٥ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب النجاسات ، ح ٢.
(٢) الكافي ٣ : ٥٩ / ٦ ، التهذيب ١ : ٢٧٢ / ٨٠٠ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب النجاسات ، ح ١.
(٣) التهذيب ١ : ٢٧٢ / ٨٠١ ، الوسائل ، الباب ٢٥ من أبواب النجاسات ، ح ٣.