وقد حكي عن العلّامة الجزم باستحباب النضح مع الشكّ في النجاسة مطلقا (١).
وكيف كان فلا يمكن استفادة المدّعى من الأمر بالرشّ في الصحيحة المتقدّمة (٢) ، فعمدة مستند الحكم في الكافر هو الإجماع المحكيّ عن المعتبر (٣) ، وكفى به دليلا لإثبات الحكم بعد البناء على المسامحة.
ثمّ إنّ مقتضى ظاهر الأمر بالنضح في الأخبار المتقدّمة هو الوجوب ، لكن لما ثبت «أنّ كلّ يابس زكيّ» ـ كما في الموثّق (٤) ـ وانعقد الإجماع عليه فيما عدا ميّت الإنسان أو مطلق الميتة ـ كما عرفته فيما سبق ـ تعيّن حمله على الاستحباب ، كما في سائر الموارد التي ورد فيها الأمر بالنضح من مظانّ النجاسة وغيرها.
وحمله على الوجوب النفسي التعبّدي مناف لظاهر الأخبار بل صريحها ، فإنّها تدلّ على أنّ الأمر بالنضح إنّما هو لأجل الصلاة ونحوها.
وحمله على كونه شرطا تعبّديّا محضا لا من حيث النجاسة ـ مع بعده في حدّ ذاته حيث لا ينسبق إلى الذهن من الأمر برشّ الثوب أو غسله للصلاة إرادة كونه شرطا تعبّديّا من غير جهة النظافة ـ ينافيه سياق الأخبار ، فإنّها تشهد بأنّ الأمر بالنضح مع الجفاف كالأمر بالغسل مع الرطوبة إنّما هو لإزالة الأثر الشرعيّ الحاصل بالملاقاة ، فحيث علم أنّ الأثر الحاصل بالملاقاة مع الجفاف لم يبلغ
__________________
(١) حكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٢ : ٣٤٢ ، وانظر : منتهى المطلب ٣ : ٢٩٢.
(٢) في ص ١٩٥.
(٣) راجع الهامش (١) من ص ١٩٣.
(٤) التهذيب ١ : ٤٩ / ١٤١ ، الإستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٧ ، الوسائل ، الباب ٣١ من أبواب أحكام الخلوة ، ح ٥.