مرتبة يجب التنزّه عنه في الأشياء المشروطة بالطهور فهم من ذلك أنّ الأمر بإزالته بالنضح ليس إلّا للاستحباب ، ولذا لم يفهم المشهور من هذه الأخبار ونظائرها ممّا ورد فيه الأمر بالنضح إلّا ذلك.
وإن شئت قلت : إنّ إعراض المشهور عن هذا الظاهر وحملهم للأمر على الاستحباب يكشف عن عثورهم على قرينة داخليّة أو خارجيّة أرشدتهم إلى ذلك.
فما في الحدائق ـ من الالتزام بوجوبه تعبّدا (١) ـ ضعيف.
وقد ظهر بما أشرنا إليه من أنّ النضح ليس شرطا تعبديّا محضا ، بل لإزالة نحو من القذارة التي لم تجب إزالتها : أنّ الأمر بنضح الثوب إنّما هو لكونه أقل المجزي ، وإلّا فالغسل أو صبّ الماء عليه أبلغ في تنظيفه ، فيغنيه ذلك عن النضح بلا تأمّل.
وقد ورد الأمر بصبّ الماء على الثوب الذي أصابه الكلب في صحيحة (٢) أبي العبّاس ، فهو بحسب الظاهر لبيان الاجتزاء بالصبّ وعدم الحاجة إلى الغسل ، فلم يقصد بها إرادته بالخصوص بحيث ينافيه الأخبار الدالّة على كفاية النضح.
ويحتمل إرادته بالخصوص ، لكونه أولى وأفضل.
ويحتمل أيضا أن يكون المراد بالصبّ ما يعمّ النضح توسّعا.
وكيف كان فالظاهر أنّه يكفي مطلق النضح ، ولا يعتبر فيه الاستيعاب ،
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٥ : ٣٩١.
(٢) تقدّم تخريجها في ص ١٩٤ ، الهامش (٣).