بوجوب الغسل والبناء على ما مضى ـ بمنزلة عمومات قابلة للتخصيص ، كما هو واضح.
وربما يستدلّ له أيضا : بأنّ جعل الحكم الظاهري شرطا لشيء يستلزم المعذورية حال تبدّل التكليف ، فلو جعل الشارع ـ مثلا ـ الظنّ بالقبلة حجّة مجزئة عن الواقع عند انكشاف الخلاف لو تبدّل الظنّ في أثناء الصلاة أو حصل العلم بمخالفة ظنّه للواقع ، وجب عليه أن ينحرف إلى الجهة التي أحرز ثانيا كونها قبلة ، ويلغو اعتبار شرطيّة القبلة بالنسبة إلى زمان الانحراف ، لأنّه تكليف بغير المقدور.
وفيه نظر ، لإمكان إحراز الشرط بالنسبة إلى هذا الجزء أيضا باستئناف الصلاة ، فالأجزاء السابقة وإن كانت في حدّ ذاتها موصوفة بالصحّة لكن عرضها وصف البطلان بواسطة عدم القدرة على ضمّ الأجزاء اللّاحقة إليها واجدة لشرطها.
نعم ، لو تعيّن عليه المضيّ في صلاته وحرم عليه رفع اليد عن تلك الأجزاء المأتيّ بها واستئنافها ، للزم أن لا تكون القبلة بالنسبة إلى الجزء الذي يأتي به في زمان الانحراف شرطا.
لكن ما دلّ على اعتبار الشرط في سائر الأجزاء بإطلاقه حاكم على الأدلّة الدالّة على وجوب المضيّ وحرمة قطع الصلاة ، فإنّها مشروطة بالقدرة ، وهي لا تكون إلّا على تقدير أن لا تكون المواجهة إلى القبلة ـ مثلا ـ شرطا في سائر الأجزاء ، وقد دلّ الدليل بإطلاقه على أنّه شرط حتّى في مثل الفرض ، فلا يجب المضيّ.