الخاصّة ، لا الظنّ الفعلي ، فإنّ من المستبعد التزام أحد بذلك.
وكيف كان فهذا الوجه وإن كان قويّا لكنّ الأقوى هو الوجه الأوّل ، أعني كفاية مجرّد الاحتمال الناشئ من الغيبة ، وعدم اشتراط علمه بالنجاسة ولا تلبّسه بما يشترط بالطهارة ، فإنّ عمدة مستند الحكم هو استقرار السيرة من صدر الشريعة على المعاملة مع المسلمين وما يتعلّق بهم معاملة الطاهر بمجرّد الاحتمال من غير فرق بين سبق علمهم بالنجاسة وعدمه ، ولا بين كون من يعامل معه معاملة الطاهر ممّن يظهر من حاله التجنّب عن النجاسة أو يظهر عدمه أو يشتبه حاله ، فإنّ الظاهر من حال العامّة وكثير من الخاصّة أنّهم لا يجتنبون عن كثير من النجاسات ، وربما يعتقدون طهارتها ، ويزعمون طهارة الميتة بالدباغة ، مع أنّه لم يعهد التجنّب عنهم ولا عمّا عليهم من اللباس ، كما أنّه لم يعهد التجنّب عمّا في أيديهم وأسواقهم من الجلود ونحوها من الأشياء التي مقتضى الأصل فيها النجاسة ، وبناؤهم على عدم التجنّب عنها مع حصول العلم غالبا إمّا تفصيلا أو إجمالا بمباشرتهم للنجاسات ومخالطتهم مع الكفّار وعدم التطهّر منها إلّا من باب الاتّفاق.
فالقول باشتراط الظنّ بالطهارة فضلا عن أن يكون من سبب خاصّ كأنّه نشأ من الغفلة عمّا عليه بناء عامّة الناس في معاملاتهم ومساوراتهم مع العامّة والخاصّة ، مع أنّ من المعلوم أنّه لو لم يكن الأمر في صدر الشريعة بأسوإ من ذلك لم يكن بأحسن منه ، بل لو لا البناء على الاكتفاء بالاحتمال لاختل نظم عيشهم.
فدعوى اندفاع الحرج لدى العمل بظاهر الحال غير مسموعة.