ابن سنان أو صحيحته عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «لا بأس أن يشرب الرجل في القدح المفضّض ، واعزل فمك عن موضع الفضّة» (١) ـ هو حمل النهي على الكراهة ، كما يؤيّده بل يشهد له رواية بريد ، المتقدّمة (٢) المصرّحة بكراهة الشرب في القدح المفضّض على ما رواها الصدوق من زيادة قوله : «فإن لم يجد بدّا من الشرب في القدح المفضّض عدل بفمه عن موضع الفضّة» (٣) فإنّ المتبادر منها إرادة الضرورة العرفيّة ، لا الضرورة المبيحة للمحظورات ، كما لا يخفى.
وما تقدّم (٤) نقله من صاحب الحدائق من احتمال كون الزيادة من كلام الصدوق لا ينافي الاستشهاد ، فإنّه وإن كان احتمالا قويّا لكنّه مخالف للظاهر.
ولا يستلزم من حمل النهي على الكراهة بالنسبة إلى المفضّض دون آنية الفضّة استعمال المشترك في معنييه ، كما زعمه صاحب الحدائق ، واستشهد بهذه الرواية ونظائرها على جوازه (٥) ، لإمكان إرادة القدر المشترك من باب عموم المجاز الذي هو من أقرب المجازات. مع أنّ التحقيق أنّ جواز الترك الذي هو فصل الكراهة أمر خارج من ماهيّة النهي قد ثبت بدليل خارجيّ ، فلو خلّي النهي ونفسه لكان مقتضاه لزوم ترك الفعل ، وحيث دلّ الدليل على الرخصة في الفعل رفع اليد عمّا يقتضيه صرف النهي من حيث هو بمقدار دلالة الدليل ، فليتأمّل. ولتمام التحقيق مقام آخر.
__________________
(١) التهذيب ٩ : ٩١ / ٣٩٢ ، الوسائل ، الباب ٦٦ من أبواب النجاسات ، ح ٥.
(٢) في ص ٣٥٣.
(٣) تقدّم تخريجه في ص ٣٥٣ ، الهامش (٤).
(٤) في ص ٣٥٣.
(٥) الحدائق الناضرة ٥ : ٥١٢.