عبارة عن إذهاب الوسخ باستعمال الماء وما جرى مجراه في الميعان ، دون مطلق المائع الذي يكون كالوحل والدبس ونحوهما ، ولا يظنّ بأحد أن يلتزم باعتبار هذا الحدّ من الميعان الموجب لصيرورته ماء أو شبهه وإن أشعر كلام العلّامة في محكيّ التذكرة بكونه مفروغا منه لدى القائلين باشتراط المزج حيث قال : إن قلنا بمزج [التراب بالماء] (١) فهل (٢) يجزئ لو صار مضافا؟ إشكال ، وعلى تقديره هل يجزئ عوض الماء ماء الورد وشبهه؟ إشكال (٣).
وكيف كان فإن أراد القائل باعتبار المزج هذه المرتبة من الامتزاج ، فهو واضح الفساد ، إذ لم يقصد بقوله عليهالسلام : «اغسله بالتراب» (٤) الغسل بالماء الغير الصافي المشتمل على بعض أجزاء ترابيّة بلا شبهة.
وإن أراد ما دون هذه المرتبة ، فلا يتحقّق معه حقيقة الغسل ، فيكون إطلاق الغسل عليه بلحاظ كونه مؤثّرا في التنظيف ، فقوله عليهالسلام : «اغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ بالماء» (٥) يعني نظّفه به أوّلا قبل استعمال الماء ، فلا مقتضي حينئذ لصرف (٦) لفظ «التراب» عن ظاهره وارتكاب التجوّز فيه.
وأمّا ما في الكشف ـ من تنظيره بالأمر بغسل الرأس بالسدر والخطمي (٧) ـ ففيه : أنّه إن أراد غسله بهما بعد امتزاجهما بالماء مزجا مصحّحا لحصول الغسل
__________________
(١) بدل ما بين المعقوفين في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «الماء» وما أثبتناه كما في الحدائق ، وفي التذكرة : «الماء والتراب».
(٢) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «هل». وما أثبتناه من المصدر.
(٣) حكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٥ : ٤٨٠ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ١ : ٨٧ ، الفرع التاسع.
(٤) تقدّم تخريجه في ص ٤٠٠ ، الهامش (٤).
(٥) تقدّم تخريجه في ص ٤٠٠ ، الهامش (٤).
(٦) في الطبعة الحجريّة بدل «حينئذ لصرف» : «في تصرّف».
(٧) راجع : الهامش (٧) من ص ٤٠٨.