وقد أذعن بعض (١) بأنّ المراد بالنجس في الآية هو النجس بالمعنى الشرعيّ ، ومع ذلك ناقش في الاستدلال بها على المطلوب : بقصورها عن إثبات عموم المدّعى ، لقوّة احتمال ورودها مورد الغالب من أنّ تجويز الدخول لهم كما كانوا عليه قبل نزول الآية يستلزم سراية النجاسة إلى المجسد ، فلا يبعد أن يكون النهي عن دخولهم بهذه الملاحظة ، فلا يستفاد منها إلّا حرمة إدخال النجاسة المتعدّية.
وفيه : أنّ المتبادر من الآية كون سبب المنع نجاستهم ذاتا ، لا تنجيسهم للمسجد ، ولذا لا يظنّ بأحد أن يلتزم في مورد الآية بالتخصيص ، بل الظاهر ـ كما صرّح به بعض ـ عدم الخلاف في حرمة تمكين الكفّار من دخول المسجد مطلقا.
نعم ، دلالتها على المنع من إدخال المتنجّس لا يخلو عن نظر.
واستدلّ له أيضا بقوله تعالى (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ) (٢) بتقريب أنّ الأمر للوجوب ، والتطهير حقيقة في إزالة النجاسة ، والفرق بين البيت وسائر المساجد منفيّ بعدم القول بالفصل.
وفيه ـ بعد تسليم جميع المقدّمات ـ : أنّ تطهير الشيء عن النجاسة إنّما يعقل على تقدير كون ذلك الشيء متنجّسا بأن كانت النجاسة متعدّية إليه ، وستعرف أنّ وجوب الإزالة في الفرض مسلّم ، فلا تدلّ الآية على حرمة إدخال النجاسة على الإطلاق ، كما هو المدّعى.
هذا ، مع ما في الآية من الإشعار بعدم وجوب التطهير من حيث هو كما هو
__________________
(١) راجع كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠.
(٢) الحج ٢٢ : ٢٦.