وعن الشهيد دعوى الإجماع عليه (١).
واستدلّ له بقوله تعالى (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ) (٢) حيث فرّع حرمة دخولهم المسجد على نجاستهم. واختصاصه بالمسجد الحرام غير ضائر ، لعدم القول بالفصل.
ونوقش فيه : بعدم ثبوت إرادة المعنى الشرعي من «النجس» وحيث لا قائل بحرمة إدخال كلّ قذارة في المسجد وجب إمّا حمل النهي على مطلق المرجوحيّة ، أو جعل خصوصيّة المورد أيضا دخيلا في الحكم.
وأجيب عنه : بما تقدّم (٣) تفصيله ـ مع ما فيه من الضعف ـ عند التكلّم في نجاسة الكافر.
وقد عرفت فيما تقدّم أنّ دعوى أنّ القذر بنظر الشارع ليس إلّا النجاسات التي أوجب التجنّب عنها في الصلاة ونحوها ، لا ما يراه العرف قذرا ، غير مسموعة ، فإنّ غاية ما يمكن ادّعاؤه إنّما هو كون ما أوجب الشارع التجنّب عنه قذرا عنده ، لا أنّ القذر لديه منحصر فيه ، فإنّ من الجائز كون ما شهد العرف بقذارته قذرا لدى الشارع أيضا ، لكن لم يوجب التجنّب عنه إمّا لقصوره (٤) في المقتضي ، أو لوجود المانع ، فلا مقتضى لتخطئة العرف ما لم يدلّ عليه دليل تعبديّ ، كما هو واضح.
__________________
(١) حكاه عنه السبزواري في ذخيرة المعاد : ١٥٦ ، وانظر : الذكرى ٣ : ١٢٩.
(٢) التوبة ٩ : ٢٨.
(٣) راجع ج ٧ ، ص ٢٣٦ وما بعدها.
(٤) في «ض ١٠ و ١١» : «لقصور».