ما رآه من الدرهم وقدّره بالأخمص كان هو الدرهم البغليّ ، وإنّما حكاه عن رجل له علم بالأخبار والأنساب ، وضعّفه ، ومن الواضح أنّ طريق ذلك الرجل أيضا لإحراز مثل هذه الموضوعات ليس إلّا الحدس ، فكيف يعتمد على قوله!؟
واعترض بعض (١) على من حدّد الدرهم بالأخمص ، اعتمادا على إخبار الحلّي بذلك : بأنّه إنّما يقبل قوله في مثل المقام من باب الشهادة التي يعتبر فيها العدد ، فلا وجه للاعتماد على قوله منفردا.
وقد أجيب عن ذلك : بأنّ قوله يفيد الوثوق بل القطع ، إذ لا يحتمل في حقّه التعمّد في الكذب أو الخطأ في الحسّ.
وفيه ما عرفت من أنّ قول الحلّي وإن كان موجبا للقطع بمشاهدته درهما كما وصف ، لكن من أين يحصل القطع بأنّ ذلك الدرهم كان من أفراد الدرهم البغليّ؟ هذا ، ولكنّ الإنصاف أنّه يحصل من مجموع هذه التحديدات الوثوق بأنّ الدرهم البغليّ كانت سعته قريبة من هذه التحديدات.
وأمّا احتمال أن يكون مراد الإسكافي وغيره ـ ممّن حدّد مقدار الدرهم ـ درهما غير الدرهم الوافي الذي هو بحسب الظاهر متّحد مع البغليّ فممّا يبعّده ما عرفت من أنّ الظاهر ـ كما صرّح به غير واحد ـ عدم الخلاف في أنّ هذا هو المراد بالدرهم الوارد في النصوص والفتاوى.
وكيف كان فإن حصل الوثوق من هذه الكلمات وغيرها بمقدار معيّن فهو ،
__________________
(١) لم نتحقّقه.