جواز الصلاة في اللحم القليل أو الدم القليل ـ مثلا ـ من هذه الرواية إنّما هي بالإطلاق لا بالعموم ، كما أنّ دلالتها على عدم جواز الصلاة في البول القليل أيضا ليست إلّا بالإطلاق ، لكنّها كادت تكون صريحة في الإطلاق ، فيشكل التصرّف فيها بالأخبار المتقدّمة خصوصا مع ما هو المغروس في النفس من استبعاد العفو عن قليل من الدم مع نجاسته وعدم العفو عن قليل من سائر فضلاته الطاهرة.
ولذا قد يقوى في النظر عدم العفو عن دم غير المأكول مطلقا ، كما هو خيرة كاشف الغطاء على ما حكي (١) عنه.
ولكن مع ذلك الأقوى خلافه ، لا لمجرّد دعوى اعتضاد عموم أخبار العفو بالنسبة إلى مورد المعارضة بفهم الأصحاب وعملهم ونقل إجماعهم المعتضد بالشهرة ، وعدم نقل خلاف يعتدّ به ، بل لضعف ظهور الموثّقة في إرادة الدم من عموم «كلّ شيء» بل عدم ظهوره فيه ، فإنّ سياق الرواية يشهد بأنّ المراد بعموم «كلّ شيء» هو الأشياء التي يكون المنع من الصلاة فيها ناشئا من حرمة الأكل بحيث لو كان حلال الأكل لكانت الصلاة فيها جائزة ، فمثل الدم والمني خارج ممّا أريد بهذا العامّ.
كما يؤيّد ذلك بل يشهد له : قوله عليهالسلام بعد ذكر هذه الرواية ونقلها من رسول الله صلىاللهعليهوآله والأمر بحفظها : «يا زرارة فإن كان ممّا يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكلّ شيء منه جائزة إذا علمت أنّه ذكيّ وقد ذكّاه الذبح ، وإن كان غير ذلك ممّا قد نهيت عن أكله وحرّم عليك أكله فالصلاة
__________________
(١) الحاكي عنه هو صاحب الجواهر فيها ٦ : ١٢١ ، وانظر : كشف الغطاء : ١٧٥ و ٢٠٠.