فإن قيل : فلأي شيء بني «عشر» من قولك : «اثني عشر»؟ فالجواب : إنّه وقع موقع النون من «اثنين».
وأجاز أهل الكوفة أن تضيف النيّف إلى العدد ، فتقول : «هذا أحد عشر». واستدلّوا على ذلك بقوله [من الرجز]
٤٧٦ ـ علّق من عنائه وشقوته |
|
بنت ثماني عشرة من حجّته |
وهذا من الشذوذ بحيث لا يقاس ، وهو مشبه بـ «بعلبك» ضرورة.
ويجوز أن تضيف النيّف والعقد إلى اسم ، وإذا أضفته جاز لك فيه وجهان ، أحدهما : أن يبقى على بنائه ، والآخر أن يعرب ويجعل إعرابه آخر الاسم المركب ، فتقول : «هذا أحد عشرك وعشرك».
وأجاز الفراء أن تضيف النيّف إلى العقد والعقد إلى الاسم ، فتقول : «هذا أحد عشرك» ، بشرط أن يكون العقد مضافا إلى الاسم. وهذا باطل لأنّه لم يسمع من كلامهم.
ولا يجوز إضافة «اثني عشر» إلى الاسم ، لأنّه لا يخلو أن تحذف «عشرا» أو تثبته. فإن أثبتّه كنت كمن جمع بين التنوين والإضافة ، لأنّ «عشرا» إنّما بني لوقوعه موقع النون ، وإن حذفت التبس بإضافة «اثنين» ، فلذلك لا يجوز إضافته إلى الاسم. هذا حكم النيّف إلّا «ثمانية عشر» فإنّك تقول للمؤنث : ثماني عشرة ، بالياء الساكنة ، وإن شئت حركتها بالفتح
__________________
٤٧٦ ـ التخريج : الرجز لنفيع بن طارق في الحيوان ٦ / ٤٦٣ ؛ والدرر ٦ / ١٩٧ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٢٧٥ ؛ والمقاصد النحوية ٤ / ٤٨٨ ؛ وبلا نسبة في الإنصاف ١ / ٣٠٩ ؛ وخزانة الأدب ٦ / ٤٣٠ ، ٤٣٢ ؛ وشرح الأشموني ٣ / ٦٢٧ ؛ ولسان العرب ١٤ / ٤٣٨ (شقا) ؛ وهمع الهوامع ٢ / ١٤٩.
اللغة : شرح المفردات : كلّف : حمّل في مشقّة. الشقوة : العسر. العناء : التعب.
الإعراب : «كلف» : فعل ماض للمجهول ، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره : «هو». «من عنائه» : جار ومجرور متعلقان بـ «كلّف» ، وهو مضاف ، والهاء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. «وشقوته» : الواو حرف عطف ، «شقوته» : معطوف على «عنائه» ، والهاء في محلّ جرّ بالإضافة. «بنت» : مفعول به ثان ، وهو مضاف. «ثماني» : مضاف إليه مجرور ، وهو مضاف. «عشرة» : مضاف إليه مجرور. «من حجّته» : جار ومجرور متعلّقان بـ «كلّف» وهو مضاف ، والهاء ضمير في محلّ جرّ بالإضافة.
الشاهد : قوله : «ثماني عشرة» حيث أضاف «ثماني» إلى «عشرة» ، وبعض الكوفيين يجيزون إضافة النيّف إلى العشرة.