وفعّال ، ومنه قولهم : «أمّا العسل فأنت شرّاب». وقال الشاعر [من الطويل] :
٣٩٨ ـ أخا الحرب لبّاسا إليها جلالها |
|
وليس بولّاج الخوالف أعقلا |
فنصب «جلالها» بـ «لبّاس».
و «مفعال» ، ومنه قولهم : «إنّه لمنحار بوائكها» (٢).
فهذه الأمثلة الثلاثة تعمل عمل اسم الفاعل باتفاق من البصريين. وأما أهل الكوفة فيزعمون أن ما بعد الأمثلة الخمسة منصوب بإضمار فعل يدل عليه المثال ، فإذا قلت : «هذا ضروب زيدا» ، فتقديره عندهم : ضروب يضرب زيدا. ولذلك لا يجيزون تقديم المنصوب بهذه الأمثلة ، لأنّ الفعل إنّما أضمر في هذا الباب لدلالة الاسم المتقدّم عليه ، فإذا تقدّم الاسم المنصوب لم يكن له ما يدلّ عليه.
__________________
٣٩٨ ـ التخريج : البيت للقلاخ بن حزن في خزانة الأدب ٨ / ١٥٧ ؛ والدرر ٥ / ٢٧٠ ؛ وشرح أبيات سيبويه ١ / ٣٦٣ ؛ وشرح التصريح ٢ / ٦٨ ؛ وشرح المفصل ٦ / ٧٩ ، ٨٠ ؛ والكتاب ١ / ١١١ ؛ ولسان العرب ١١ / ٨٣ (ثعل) ؛ والمقاصد النحويّة ٣ / ٥٣٥ ؛ وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب ١ / ٣١٩ ؛ وأوضح المسالك ٣ / ٢٢٠ ؛ وشرح الأشموني ١ / ٣٤٢ ؛ وشرح ابن عقيل ص ٤٢٣ ؛ والمقتضب ٢ / ١١٣ ؛ وهمع الهوامع ٢ / ٩٦.
اللغة والمعنى : أخو الحرب : خائض غمارها. اللّبّاس : كثير اللبس. الجلال : هو ما يوضع على ظهر الدابة ، وهنا بمعنى الدروع. ولّاج : كثير الولوج ، أي الدخول. الخوالف : ج الخالفة ، وهي عماد البيت ، أو البيت مجازا ، أو النساء. الأعقل : الكثير الخوف.
يقول : إنه رجل حرب ، ويلبس لبوسها ، ويخوض غمارها ، وليس بضعيف أو جبان يختبىء في البيوت بين النساء تلافيا مقارعة الأبطال.
الإعراب : أخا : حال من «الياء» في «إنّني» في البيت السابق ، منصوب بالألف لأنّه من الأسماء الستّة ، وهو مضاف. الحرب : مضاف إليه مجرور. لبّاسا : حال ثانية. إليها : جار ومجرور متعلّقان بـ «لبّاس». جلالها : مفعول به منصوب ، وهو مضاف ، و «ها» : ضمير في محلّ جرّ بالإضافة. وليس : الواو : حرف عطف أو استئناف ، ليس : فعل ماض ناقص ، واسمه : هو. بولّاج : الباء : حرف جرّ زائد ، ولّاج : اسم مجرور لفظا منصوب محلّا على أنّه خبر «ليس» ، وهو مضاف. الخوالف : مضاف إليه مجرور. أعقلا : خبر ثان لـ «ليس» منصوب.
وجملة (ليس بولّاج الخوالف) معطوفة على جملة سابقة.
والشاهد فيه قوله : «لبّاسا إليها جلالها» حيث أعمل صيغة المبالغة «لبّاسا» عمل الفعل ، فنصب بها المفعول به «جلالها».
(١) البوائك : جمع بائكة ، وهي السمينة.