فإن قلت : لم خصّوا التابع إذا كان مفردا بهذا ، ولم يفعلوا ذلك بالمضاف؟ قيل : لأنّ التابع منادى في المعنى ولو نودي المضاف لم يكن إلّا نصبا ، وغير المضاف إذا كان منادى يكون مرفوعا ، فإذا قلت : «يا زيد العاقل» ، فكأنك قلت : «يا العاقل» ، ولو ناديت «العاقل» لكان رفعا ، فكذلك «يا زيد وعمرو» ، لأنك إذا ألحقت المنادى التنوين فمذهب سيبويه ، رحمهالله ، رفعه ، خلافا لأبي عمرو بن العلاء.
فإن كان التابع بدلا أو معطوفا بحرف نسق كان حكمه كحكمه لو باشر «يا» إلّا أن يكون المعطوف بالواو فيه الألف واللام ، فللنحويين فيه أربعة أقوال. فسيبويه ، رحمهالله ، يجيز الرفع والنصب في : «يا زيد والغلام» ، ويختار الرفع. وأبو عمرو يجيز الرفع والنصب ، ويختار النصب. والمبرّد مذهبه كمذهب أبي عمرو ، إلّا أن تكون الألف واللام للمح الصفة ، فإنّه يختار مذهب سيبويه ، رحمهالله ، إلّا أن يكون المنادى نكرة مقبلا عليها ، فإنّه لا يجيز إلا الرفع ، فتقول : «يا رجل والغلام أقبلا».
أمّا أبو عمرو فيحتج على صحة مذهبه بأنّه في المعنى منادى لنيابة حرف العطف مناب «يا» ، والمنادى إذا كان معربا كان منصوبا ، فكذلك هذا ، وأجاز الرفع تشبيها له بسائر التوابع. وهذا خطأ ، لأنّه إنّما كان يحكم له بحكم المعرب لو صحت مباشرته لـ «يا». وأما الألف واللام فتمنع من ذلك فلمّا تعذّرت المباشرة لم تكن بمنزلة المباشر ، فصار كسائر التوابع.
وأمّا المبرّد فيبطل مذهبه بالذي بطل به مذهب أبي عمرو ، وتفريقه بين «يا زيد والرجل» ، و «يا زيد والعبّاس» ، أنّ العباس علم فهو بمنزلة : عباس ، فكما أنّ عباسا لو كان هنا لكان مرفوعا فقلت : «يا زيد وعباس» ، فكذلك مع الألف واللام. ويجيز النصب وعيا للفظ لأنّه بمنزلة : والرجل.
وأمّا الأخفش فمذهبه في يا رجل أنّه معرب لأنّه بنيّة : «يا أيّها الرجل». وناب «يا» مناب الألف واللام ، فلهذا أسقط التنوين ، فإن صحّ أنّه معرب فالقول قوله ، لأنّ المعرب لا يتبع إلّا على لفظه ، وإن ثبت أنّه مبنيّ بطل قوله ، والسماع يرد عليه لأنّهم قالوا : «يا حسن الحبيب».
واعلم أنك إذا أتبعت التابع ، فإنّ ذلك التابع يكون على حسب التابع الأول ، ولا